57 - بلوغ المأمول في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى .
مسألة :
حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=16005900من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ورد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
وجابر ، فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فأخرجه
عبد الرزاق في المصنف ،
وأحمد في مسنده ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير في تهذيب الآثار ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ،
وأبو يعلى ،
والعدني في مسنديهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود في المنتقى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في سننه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ،
والحاكم في المستدرك وصححه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء المقدسي في المختارة - وقد صححه جمع من الأئمة الحفاظ -
الحاكم كما ذكرناه
nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود ، وحيث أخرجه في المنتقى فإنه التزم فيه الصحيح ،
والضياء حيث أخرجه في المختارة فإنه التزم فيها الصحيح الزائد على الصحيحين وقالوا : إن صحيحها أقوى من صحيح المستدرك ، وصححه أيضا
ابن الطلاع في أحكامه نقله عنه الحافظ
ابن حجر في تخريج أحاديث
الرافعي ، ولما حكى الحافظ
أبو الفضل العراقي في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أن
الحاكم صححه أقره وأورد له عدة طرق تقوية لإسناده .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
والحاكم ، وصححه أيضا
ابن الطلاع ، لكن تعقب الحافظ
ابن حجر تصحيح
ابن الطلاع له فقال : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لم يصح .
قلت : لكن صحح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس معا
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في تهذيب الآثار ، ولعله الذي حمل
الحاكم على تصحيح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وإنما ثبت حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وتعقب الذهبي تصحيح
الحاكم لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فقال : في سنده
nindex.php?page=showalam&ids=16277عاصم بن عمر العمري وهو ضعيف ، واعتذر عنه الحافظ
العراقي بأنه إنما أخرجه شاهدا لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 133 ] وأما حديث
جابر فأشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي حيث قال عقب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وفي الباب عن
جابر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وقال
العراقي في شرحه : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم من طريق
محمد بن القاسم عن
يحيى بن أيوب عن
عباد بن كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005901من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه ، ورواه
ابن وهب عن
يحيى بن أيوب عن رجل عن
ابن عقيل ، انتهى .
وقد أخرج حديث
جابر الحارث
ابن أبي أسامة في مسنده ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير في تهذيب الآثار من طريق
عباد بن كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005901من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه .
وقد رأيت له طريقا آخر من حديث
علي ، وقد فات الحافظين :
العراقي ،
وابن حجر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في تهذيب الآثار : حدثني
محمد بن معمر البحراني ثنا
يحيى بن عبد الله بن بكر ثنا
حسين بن زيد عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن
علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يرجم من عمل عمل قوم لوط أحصن أو لم يحصن .
تنبيه : إنما احتاج
الحاكم في تصحيح هذا الحديث إلى شاهد ; لأن راويه عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16698ابن عباس عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ،
وعمرو وثقه الجمهور منهم
مالك nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وأخرجا حديثه في الصحيحين في الأصول ، وضعفه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ولأجل ذلك أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي حديثه هذا ، وقال
يحيى : كان يستضعف ، قال
الذهبي في الميزان بعد حكاية هذا : ما هو بمستضعف ولا بضعيف ، نعم ولا هو في الثقة
nindex.php?page=showalam&ids=12300كالزهري وذويه ، قال : وروى
أحمد بن أبي مريم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين قال :
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو ثقة ينكر عليه حديث
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005903اقتلوا الفاعل والمفعول به قال
الذهبي عقب ذلك : حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح انتهى .
والمقرر في علوم الحديث أن من يكون بهذه الصفة إذا وجد له متابع أو شاهد حكم لحديثه بالصحة ، فلهذا احتاج الحاكم إلى تخريج حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ليكون شاهدا لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وإن كان حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ليس على شرط الصحيح إلا أنه أورده شاهدا أصلا ليتم له تصحيح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقد أورد الحافظ
أبو الفضل العراقي عدة طرق لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تقوية لتصحيح
الحاكم له فقال : قد ورد أيضا من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16292وعباد بن منصور ،
وحسين بن عبد الله عن
عكرمة ، فهؤلاء ثلاثة متابعين
nindex.php?page=showalam&ids=16698لعمرو بن أبي عمرو ، فرواية
داود أخرجها
أحمد في مسنده باللفظ السابق
[ ص: 134 ] وأخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه بلفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005904من وقع على الرجل فاقتلوه " ، ورواية
عباد أخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بلفظ في الذي يعمل عمل
قوم لوط وفي الذي يؤتى في نفسه قال : يقتل ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في تهذيب الآثار بلفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005905اقتلوا الفاعل والمفعول به في اللوطية ، ورواية
حسين أخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير باللفظ السابق .
وأورد
العراقي أيضا لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة طريقين آخرين : أحدهما في المستدرك ومعجم
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني الأوسط ، والثاني في المعجم الأوسط ، ولفظهما مخالف للفظ السابق ، ثم أورد حديث
جابر كما تقدم ثم قال : وفي الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري عند
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وعن
[ أبي ] أيوب عند
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ، هذا جميع ما أورده
العراقي من الشواهد لتصحيح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
قلت : وقد وجدت شاهدا آخر زيادة على ذلك قال
أبو نعيم في الحلية : ثنا
أبو محمد طلحة ،
وأبو إسحاق سعد ، أنبأ
محمد بن إسحاق الناقد قالا : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16999محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبي ، ثنا
وكيع ، ثنا
محمد بن قيس عن
أبي حصين عن
أبي عبد الرحمن : أن
عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال : أما علمتم أنه لا يجب القتل إلا على أربعة : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه ، أو قتل نفسا بغير نفس ، أو عمل عمل
قوم لوط .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في المصنف : ثنا
وكيع ، ثنا
محمد بن قيس عن
أبي حصين عن
أبي عبد الرحمن : أن
عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال : أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربعة : رجل عمل عمل
قوم لوط ، هذا إسناد صحيح ، وفي قول
عثمان رضي الله عنه للناس : أما علمتم دليلا على اشتهار هذا عندهم كالثلاثة المذكورة معه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : ثنا
غسان بن مضر عن
سعيد بن يزيد عن
أبي نضرة قال : سئل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما
حد اللوطي ؟ قال : ينظر إلى أعلى بناء في القرية فيرمى منه منكسا ثم يتبع بالحجارة .
وقال
عبد الرزاق في المصنف عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . ح ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : ثنا
محمد بن بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
عبد الله بن عثمان بن حثيم سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا وسعيد بن جبير يحدثان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في البكر يوجد على اللوطية : إنه يرجم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : ثنا
وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن
القاسم أبي الوليد عن
يزيد بن قيس أن
عليا [ ص: 135 ] رجم لوطيا ، وقال : ثنا
وكيع عن
سفيان عن
جابر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في اللوطي قال : يرجم أحصن أو لم يحصن ، وقال : ثنا
يزيد ، أنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان ، عن
إبراهيم في اللوطي قال : لو كان أحد يرجم مرتين رجم هذا . وقال : ثنا
عبد الأعلى عن
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
عبيد الله بن عبد الله بن معمر في اللوطي قال : عليه الرجم قتلة
قوم لوط . وقال : ثنا
عبد الأعلى ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
جابر بن زيد قال : حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : نحن نحمله على الرجم .
فهذه الآثار كلها شواهد لتقوية حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكيف يعتمد
مولى يحيى وأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في ضعف راويه لو انفرد ، وقد وثقه رؤوس الأئمة
مالك nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم الذين هم مقدمون على كل حافظ في عصرهم ومن بعدهم وخرجوا له في الأصول ، وقد قال
الذهبي في الموعظة : من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين : أحدهما ما احتجا به في الأصول ، وثانيهما : من خرجا له متابعة وشهادة واعتبارا ، فمن احتجا به أو أحدهما ولم يوثق ولا غمز : فهو ثقة حديثه قوي ، ومن احتجا به أو أحدهما وتكلم فيه : فتارة يكون الكلام [ تعنتا والجمهور على توثيقه ; فهذا حديثه قوي أيضا ، وتارة يكون الكلام ] في تليينه وحفظه له اعتبار ; فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن الذي قد يسميها من أدنى درجات الصحيح ، فما في الكتابين بحمد الله رجل احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أو
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة ، ومن خرج له
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أو
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الشواهد والمتابعات ففيهم من في حفظه شيء وفي توثيقه تردد ، فكل من خرج له في الصحيحين فقد قفز القنطرة فلا معدل له إلا ببرهان بين ، نعم ، الصحيح مراتب والثقات طبقات ، انتهى كلام
الذهبي في الموعظة ، وقد ذكر في الميزان أن
عمرو بن أبي عمر خرج حديثه في الصحيحين في الأصول فكيف يحكم على حديثه هذا بالضعف كما تراه في كلام
الذهبي ، هذا وهو لم ينفرد بل له متابعون عن
عكرمة ولحديثه شواهد من رواية عدة من الصحابة ، فلهذا صححه من صححه من الحفاظ ولم يلتفتوا إلى تضعيف من ضعف راويه واحتاج
الحاكم إلى إيراد شاهد له ; لأن أقل أحوال
عمرو أن يكون حديثه حسنا فيحتاج إلى شاهد يرقيه إلى درجة الصحة والله أعلم .
[ ص: 136 ] تنبيه آخر : ذكر الحافظ
ابن حجر في تخريج أحاديث
الرافعي أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور مختلف في ثبوته فنبه بذلك على فائدة مهمة من اصطلاح الحديث ، وقد أحببت أن أبينها ; لأن من لا إلمام له بعلم الحديث لا يفهم مراده بذلك ، وربما توهم أن ذلك قدح في الحديث كما رأى من لا معرفة له بالفن قول
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16005906أنا دار الحكمة وعلي بابها في بعض النسخ هذا حديث منكر ، فظن أنه أراد أنه باطل أو موضوع ; لعدم علمه بالمصطلح وجهله أن المنكر من أقسام الضعيف الوارد لا من أقسام الباطل الموضوع ، وإنما هذا لفظ اصطلحوا عليه وجعلوه لقبا لنوع محدود من أنواع الضعيف ، كما اصطلح النحاة على جعلهم الموصول مثلا لقبا لبعض أنواع المعرفة ، وقد وقع
nindex.php?page=showalam&ids=14231للخطيب البغدادي أنه روى في تاريخه حديثا باطلا وقال
عقبه : هذا حديث منكر ، فتعقبه
الذهبي في الميزان وقال : العجب من
الخطيب كيف يطلق لفظ المنكر على هذا الخبر الباطل ، وإنما أطلق المنكر على حديث القلتين ، ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند
أحمد وسنن
أبي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة ، بل وفي الصحيحين أيضا ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ، ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلا عن بطلانه ، وطائفة
nindex.php?page=showalam&ids=12795كابن الصلاح ترى أن المنكر والشواذ مترادفان ، وكم في الصحيح من حديث وصف بالشذوذ ، كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في نفي قراءة البسملة في الصلاة فإن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الإمام الشافعي رضي الله عنه حكم عليه بالشذوذ ، وليس لك أن تقول قد شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذا فكيف يستقيم أن يكون مخرجا في الصحيح ويحكم عليه بالشذوذ ; لأن هذا أيضا من عدم معرفتك بالضعف ، فإن
ابن الصلاح لما ذكر ضابط الصحيح وشرط أن لا يكون شاذا قال في آخر الكلام : فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث فأشار إلى أن هذا ضابط الصحيح المتفق عليه ، وبقي من الصحيح نوع آخر لم يدخل في هذا الضابط وهو الصحيح المختلف فيه ، ولهذا قال
الزركشي في شرح مختصر
ابن الصلاح : خرج الصحيح المختلف فيه عن هذا التعريف ، ثم قال
ابن الصلاح بعد هذا : فوائد مهمة : أحدها الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه ، ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك ، قال
الزركشي في شرحه ، والحافظ
ابن حجر في نكته عند هذا الموضع : ذكر
الحاكم في المدخل أن
الصحيح من الحديث ينقسم عشرة أقسام : خمسة متفق عليها ، وخمسة مختلف فيها :
فالأول من القسم الأول : اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وهو الدرجة الأولى من
[ ص: 137 ] الصحيح الذي يرويه الصحابي المشهور الذي له راويان ، والأحاديث المروية بهذا الشرط لا يبلغ عددها عشرة آلاف .
الثاني : الصحيح بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى الصحابي وليس له إلا راو واحد .
الثالث : أخبار جماعة من التابعين الذين ليس لهم إلا راو واحد .
الرابع : هذه الأحاديث الأفراد والغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب .
الخامس : أحاديث جماعة من الأئمة عن آبائهم عن أجدادهم ولم تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم بها إلا عنهم .
وأما الأقسام الخمسة المختلف في صحتها :
فالأول : المرسل صحيح عند
أهل الكوفة .
الثاني : رواية المدلسين إذا لم يذكروا سماعهم ، وهي صحيحة عند جماعة منهم .
الثالث : خبر يرويه ثقة من الثقات عن إمام من أئمة المسلمين فيسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه .
الرابع : رواية محدث صحيح السماع صحيح الكتاب ظاهر العدالة غير أنه لا يعرف ما يحدث به ولا يحفظه فإن هذا القسم صحيح عند أكثر أهل الحديث ومنهم من لا يرى الحجة به .
الخامس : روايات المبتدعة وأهل الأهواء فإن رواياتهم عند أهل العلم مقبولة إذا كانوا صادقين ، قال
الحاكم : فهذه الأقسام ذكرتها لئلا يتوهم متوهم أنه ليس بصحيح إلا ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، انتهى .
إذا عرفت ذلك فقول الحافظ
ابن حجر : وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مختلف في ثبوته ، أراد به بيان أنه من قسم الصحيح المختلف فيه لا من القسم المتفق عليه وقصد بذلك تكملة الفائدة ، فإن طريقته في هذا الكتاب أنه إذا كان الحديث من القسم الأول أطلق ثبوته ، وإذا كان من القسم الثاني نبه عليه ، وفي هذا الكتاب الجليل من نفائس الصناعة الحديثية ما لا يعرفه إلا المتبحر في الفن كمؤلفه ، فليحذر المرء من الإقدام على التكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، وليمعن في تحصيل الفن حتى يطول باعه ويرسخ قدمه ، ويتبحر فيه لئلا يدخل في حديث :
من تكلم بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض . ولا يغتر بكونه لا يجد من ينكر عليه في الدنيا ، فبعد الموت يأتيه الخبر إما في القبر أو على الصراط ، والنبي صلى الله عليه وسلم هناك يخاصمه ويقول له : كيف تجازف في حديثي وتتكلم فيما ليس لك به علم ، فإما أن ترد شيئا قلته ، وإما أن تنسب إلي ما لم أقله ، أما قرأت فيما أنزل علي : (
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) فيا خيبته يومئذ ويا فضيحته هذا إن مات مسلما وإلا عوقب والعياذ بالله
[ ص: 138 ] بسوء الخاتمة كما يقول الخطباء على المنابر في بعض الخطب والذنوب ، فرب ذنب يعاقب العبد عليه بسوء الخاتمة ، وكما نقل الشيخ
محيي الدين القرشي الحنفي في تذكرته عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال : أكثر ما يسلب الناس الإيمان عند الموت وأكبر أسباب ذلك الظلم ، وأي ظلم أعظم من الجرأة على الخوض في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، نسأل الله السلامة والعافية .