ولنختم الكتاب بلطائف : الأولى : أن
سنة الإطعام سبعة أيام ، بلغني أنها مستمرة إلى الآن
بمكة والمدينة ، فالظاهر أنها لم تترك من عهد الصحابة إلى الآن ، وأنهم أخذوها خلفا عن سلف إلى الصدر الأول . [ ورأيت ] في التواريخ كثيرا في تراجم الأئمة يقولون : وأقام الناس على قبره سبعة أيام يقرءون القرآن ، وأخرج الحافظ الكبير
nindex.php?page=showalam&ids=13359أبو القاسم بن عساكر في كتابه المسمى " تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري " : سمعت الشيخ الفقيه
nindex.php?page=showalam&ids=15250أبا الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي يقول : توفي الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر بن إبراهيم المقدسي في يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة تسعين وأربعمائة
بدمشق ، وأقمنا على قبره سبع ليال نقرأ كل ليلة عشرين ختمة .
[ ص: 235 ] الثانية : قد عرف أنه يستثنى جماعة لا يسألون أصلا ، كالصديق والشهيد ، والمرابط ، ومن ألحق بهم . ومن اللطائف في ذلك ما أورده
الجزولي من أئمة المالكية في " شرح الرسالة " قال : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إن منكرا ونكيرا ينزلان بالميت في قبره ، وهما فظان غليظان ، أسودان ، أزرقان ، يطآن في شعورهما ، وينتحتان الأرض بأنيابهما ، يمشيان في الأرض كما يمشي أحدكم في الضباب ، بيد كل واحد منهما مرزبة من حديد ، لو وضعت على أعلى جبل في الدنيا لذاب كما يذوب الرصاص ، فيسألانه ، فقال له عمر : وأنا كما أنا الآن ؟ قال : نعم ، فقال : إذن والله أخاصمهما ، فرآه ابنه عبد الله بعد موته فقال له : ما كان منك ؟ فقال له : أتاني الملكان ، فقالا لي : من ربك ومن نبيك ؟ فقلت : ربي الله ، ونبيي محمد ، وأنتما من ربكما ، فنظر أحدهما إلى الآخر فقال : إنه عمر ، فوليا عني .
قال
الجزولي : ومثله يروى عن
أبي المعالي أنهما وقفا عليه وهابا أن يكلماه ، فقال لهما : ما شأنكما ، أنتما ملكا ربي ؟ أفنيت في ذكره عمري ، ويسرت لنصرته ، فما عسى أن تقولا وقد امتلأت الدنيا بأقوالي وسميت فيها
أبا المعالي ؟ فقالا : قد علمنا أنك
أبو المعالي ، نم هنيئا ولا تبالي .
قلت :
nindex.php?page=showalam&ids=12441أبو المعالي هو إمام الحرمين ، وهذا الذي وقع له من بركة العلم ، فلو لم يكن من بركة العلم إلا هذا الإكرام لكان فيه كفاية ، ويشبه هذا ما أخرجه
الحافظ أبو الطاهر السلفي في " الطيوريات " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16067سهل بن عمار قال : رأيت
يزيد بن هارون في المنام بعد موته ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : أتاني في قبري ملكان فظان غليظان ، فقالا : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك ؟ فأخذت بلحيتي البيضاء وقلت : لمثلي يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة ! فذهبا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15113الحافظ أبو القاسم اللالكائي في " السنة " : أخبرنا
محمد بن المظفر بن حرب ، ثنا
إبراهيم بن محمد بن عثمان النيسابوري قال : سمعت
أحمد بن محمد الحيري المزكي يقول : حدثني
عبد الله بن الحارث الصنعاني قال : سمعت
حوثرة بن محمد المنقري البصري يقول : رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون الواسطي في المنام بعد موته بأربع ليال ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ فقال : تقبل مني الحسنات ، وتجاوز عن السيئات ، ووهب لي التبعات . قلت : وما كان بعد ذلك ؟ قال : وهل يكون من الكريم إلا الكرم ؟ غفر لي ذنوبي وأدخلني الجنة ، قلت : فبم نلت الذي نلت ؟ قال : بمجالس الذكر ، وقول الحق ، وصدقي في الحديث ، وطول قيامي في الصلاة ، وصبري على الفقر ، قلت :
ومنكر ونكير حق ؟ قال : إي والله الذي لا إله إلا هو ، لقد أقعداني وسألاني وقالا لي : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فجعلت أنفض لحيتي البيضاء من التراب فقلت : مثلي يسأل ؟ أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون [ ص: 236 ] الواسطي ، وكنت في دار الدنيا ستين سنة أعلم الناس ، فقال أحدهما : صدق ، هو
يزيد بن هارون ، نم نومة العروس ، فلا روعة عليك بعد اليوم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14508الحافظ أبو طاهر السلفي في انتخابه لحديث
الفراء : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13679أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي ، أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=14891أبو الحسن علي بن الحسين الفراء ، أنا
أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري الحافظ ، ثنا
القاضي أبو الحسن محمد بن إسحاق الملحمي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13519أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا
محمد بن كثير بن بنت يزيد بن هارون قال : رأيت جدي
يزيد بن هارون في النوم ، فقلت له : يا جدي ، كيف رأيت
منكرا ونكيرا ؟ فقال : يا بني جاءاني فأجلساني في قبري ، وقالا لي : من ربك ؟ فقلت لهما : ألي يقال هذا وقد كنت أعلم الناس الدين منذ ثمانين سنة ؟
الثالثة : عجبت ممن استغرب
سؤال الميت سبعة أيام وقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي بما هو أعظم من ذلك ، ذكر الشيخ
تاج الدين السبكي في " الطبقات الوسطى " في ترجمة
الشيخ أبي الفتوح أخي الغزالي أنه حكى يوما على رأس منبره قال : سمعت أخي حجة الإسلام قدس الله روحه يقول : إن الميت من حين يوضع على النعش يوقف في أربعين موقفا يسائله ربه عز وجل ، قال
السبكي : فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه ويختم لنا بخير بمنه وكرمه .
الرابعة : أخرج
ابن سعد في " الطبقات " من طريق
ليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : ما تعلمت فتعلمه لنفسك ، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة ، قال : وكان يعد الحديث حرفا حرفا .
وأخرج
أبو نعيم في " الحلية " من طريق
ليث قال : قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : ما تعلمت فتعلمه لنفسك ، فإن الأمانة والصدق قد ذهبا من الناس ، وقال
أبو محمد عبيد الله بن علي بن عبد الرحمن بن منصور بن زياد الكاتب في أماليه : ثنا
الحسن بن علي بن راشد قال : سمعت
أبا الربيع العتكي يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة يقول : إني أخذت من كل طير ريشة ، ومن كل ثوب خرقة ، قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة يقول لأصحاب الحديث : إني لأحرم جلسائي الحديث الغريب لموضع رجل واحد ثقيل .