حدثنا
أبو حامد بن جبلة ، ثنا
محمد بن إسحاق ، ثنا
عبيد الله بن جرير بن جبلة ، ثنا
علي بن عثمان ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16724عمرو بن ميمون بن مهران ، حدثني
ليث بن أبي رقية كاتب
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز في خلافته
، أن عمر كتب إلى ابنه في العام الذي استخلف فيه - وابنه إذ ذاك
بالمدينة يقال له
عبد الملك - أما بعد : فإن أحق من تعاهدت بالوصية والنصيحة بعد نفسي أنت ، وإن أحق من رعى ذلك وحفظه عني أنت ، وإن الله تعالى له الحمد قد أحسن إلينا
[ ص: 276 ] إحسانا كثيرا بالغا في لطيف أمرنا وعامته ، وعلى الله إتمام ما عبر من النعمة ، وإياه نسأل العون على شكرها ، فاذكر فضل الله على أبيك وعليك ، ثم أعن أباك على ما قوي عليه ، وعلى ما ظننت أن عنده منه عجزا عن العمل فيما أنعم به عليه وعليك في ذلك ، فراع نفسك وشبابك وصحتك ، وإن استطعت أن تكثر تحريك لسانك بذكر الله حمدا وتسبيحا وتهليلا فافعل ، فإن
أحسن ما وصلت به حديثا حسنا حمد الله وذكره ، وإن أحسن ما قطعت به حديثا سيئا حمد الله وذكره ، ولا تفتتن فيما أنعم الله به عليك فيما عسيت أن تقرظ به أباك فيما ليس فيه ، إن أباك كان بين ظهراني إخوته عند أبيه ، يفضل عليه الكبير ، ويدني دونه الصغير ، وإن كان الله وله الحمد قد رزقني من والدي حسبا جميلا كنت به راضيا ، أرى أفضل الذي يبره ولده علي حقا ، حتى ولدت وولد طائفة من أخواتك ، ولا أخرج بكم من المنزل الذي أنا فيه ، فمن كان راغبا في الجنة وهاربا من النار فالآن في هذه الحالة ، والتوبة مقبولة ، والذنب مغفور ، قبل نفاد الأجل ، وانقضاء العمل ، وفراغ من الله للثقلين ؛ ليدينهم بأعمالهم ، في موطن لا تقبل فيه الفدية ، ولا تنفع فيه المعذرة ، تبرز فيه الخفيات ، وتبطل فيه الشفاعات ، يرده الناس بأعمالهم ، ويصدرون فيه أشتاتا إلى منازلهم ، فطوبى يومئذ لمن أطاع الله ، وويل يومئذ لمن عصى الله ، فإن ابتلاك الله بغنى فاقتصد في غناك ، وضع لله نفسك ، وأد إلى الله فرائض حقه في مالك ، وقل عند ذلك ما قال العبد الصالح : (
هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ) -الآية - . وإياك أن تفخر بقولك ، وأن تعجب بنفسك ، أو يخيل إليك أن ما رزقته لكرامة بك على ربك ، وفضيلة على من لم يرزق مثل غناك ، فإذا أنت أخطأت باب الشكر ، ونزلت منازل أهل الفقر ، وكنت ممن طغى للغنى ، وتعجل طيباته في الحياة الدنيا ، فإني لأعظك بهذا ، وإني لكثير الإسراف على نفسي ، غير محكم لكثير من أمري ، ولو أن المرء لم يعظ أخاه حتى يحكم نفسه ، ويكمل في الذي خلق له لعبادة ربه ، إذا تواكل الناس الخير ، وإذا يرفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واستحلت المحارم ، وقل الواعظون
[ ص: 277 ] والساعون لله بالنصيحة في الأرض (
فلله الحمد رب السماوات والأرض رب العالمين وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) .