363 -
حبيب الفارسي
فمنهم
حبيب أبو محمد الفارسي من ساكني
البصرة ، كان صاحب المكرمات مجاب الدعوات ، وكان سبب إقباله على الآجلة ، وانتقاله عن العاجلة ، حضوره مجلس
الحسن بن أبي الحسن فوقعت موعظته من قلبه ، فخرج عما كان يتصرف فيه ثقة بالله ، ومكتفيا بضمانه ، فاشترى نفسه من الله - عز وجل - وتصدق بأربعين ألفا في أربع دفعات ، تصدق بعشرة آلاف في أول النهار ، فقال : يا رب اشتريت نفسي منك بهذا ، ثم أتبعه بعشرة آلاف أخرى فقال : يا رب هذه شكرا لما وفقتني له ، ثم أخرج عشرة آلاف أخرى فقال : رب إن لم تقبل مني الأولى والثانية فاقبل هذه ، ثم
تصدق بعشرة آلاف أخرى فقال : رب إن قبلت مني الثالثة فهذه شكرا لها .
حدثنا
أبو بكر بن مالك ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا
يونس - يعني ابن محمد - قال :سمعت مشيخة ، يقولون : كان
الحسن يجلس في مجلسه الذي يذكر فيه في كل يوم ، وكان
حبيب أبو محمد يجلس في مجلسه الذي يأتيه فيه أهل الدنيا والتجار وهو غافل عما فيه
الحسن لا يلتفت إلى شيء من مقالته ، إلى أن التفت إليه يوما ، فقال : اين يبرهمى درايد درايد جكويد . فقيل : والله يا
أبا محمد يذكر الجنة ويذكر النار ويرغب في الآخرة ويزهد في الدنيا ، فوقر ذلك في قلبه ، فقال بالفارسية : اذهبوا بنا إليه . فأتاه فقال جلساء
الحسن : يا
أبا سعيد ، هذا
أبو محمد حبيب قد أقبل إليك فعظه وأقبل عليه فوقف
[ ص: 150 ] عليه فقال : اين همي كومي جكوي . فقال
الحسن : أيش يقول . قال : يقول : هذا الذي يقول أيش يقول . قال : فأقبل عليه
الحسن فذكره الجنة وخوفه النار ورغبه في الخير وزهده في الشر ورغبه في الآخرة وزهده في الدنيا . فقال
أبو محمد : اين كوى ؟ فقال
الحسن : أنا ضامن لك على الله ذلك ، ثم انصرف من عنده فلم يزل في تبديد ماله وشيئه حتى لم يبق على شيء ، ثم جعل بعد يستقرض على الله .
حدثنا
أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا
يونس ، قال :
جاء رجل إلى أبي محمد فشكى إليه دينا عليه . فقال : اذهب واستقرض وأنا أضمن ، قال : فأتى رجلا فاقترض منه خمسمائة درهم وضمنها
أبو محمد ، ثم جاء الرجل فقال : يا
أبا محمد دراهمي قد أضرني حبسها ، فقال : نعم غدا ، فتوضأ
أبو محمد ودخل المسجد ودعا الله - تعالى - وجاء الرجل ، فقال له : اذهب فإن وجدت في المسجد شيئا فخذه ، قال : فذهب فإذا في المسجد صرة فيها خمسمائة درهم ، فذهب فوجدها تزيد على خمسمائة ، فرجع إليه فقال : يا
أبا محمد تلك الدراهم تزيد فقال : ان كاني راسخت جرب سخت ، اذهب هي لك . يعني من وزنها فوزنها راجحة .