372 -
الفضل بن عيسى الرقاشي
ومنهم الواعظ الناصح ، المنقى من العار الفاضح ، كان يلاحظ الإكساب ، ولا ينشرح للانتحاب ،
الفضل بن عيسى الرقاشي .
حدثنا أبي ، ثنا
أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا
عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا
عمر بن أبي الحارث الهمداني ، ثنا
محبوب بن عبد الله النميري النحوي ، ثنا
عبيد الله بن أبي المغيرة القرشي ، قال : كتب إلي
الفضل بن عيسى : أما بعد ، فإن
الدار التي أصبحنا فيها دار بالبلاء محفوفة ، وبالفناء موصوفة ، كل ما فيها إلى زوال ونفاد ، بينا أهلها منها في رخاء وسرور إذ صيرتهم في وعثاء ووعور ، أحوالها مختلفة وطبقاتها منصرفة ، يضربون ببلائها ، ويمتحنون برخائها ، العيش فيها مذموم ، والسرور فيها لا يدوم ، وكيف يدوم عيش تغيره الآفات ، وتنوبه الفجيعات ، وتفجع فيها الرزايا ، وتسوق أهلها المنايا ، إنما هم بها أعراض مستهدفة ، والحتوف لهم مستشرفة ، ترميهم بسهامها ، وتغشاهم بحمامها ، ولا بد من الورود بمشارعه ، والمعاينة لفظائعه ، أمر سبق من الله في قضائه ، وعزم عليه في إمضائه ، فليس منه
[ ص: 207 ] مذهب ، ولا عنه مهرب ، ألا فأخبث بدار يقلص ظلها ويفنى أهلها ، إنما هم بها سفر نازلون ، وأهل ظعن شاخصون ، كأن قد انقلبت الحال ، وتنادوا بالارتحال ، فأصبحت منهم قفارا قد انهارت دعائمها ، وتنكرت معالمها ، واستبدلوا بها القبور الموحشة التي استبطنت بالخراب ، وأسست بالتراب ، فمحلها مقترب ، وساكنها مغترب ، بين أهل موحشين ، وذوي محلة متشاسعين ، لا يستأنسون بالعمران ، ولا يتواصلون تواصل الإخوان ، ولا يتزاورون تزاور الجيران ، قد اقتربوا في المنازل وتشاغلوا عن التواصل ، فلم أر مثلهم جيران محلة لا يتزاورون على ما بينهم من الجوار ، وتقارب الديار ، وأنى ذلك منهم وقد طحنهم بكلكله البلى ، وأكلتهم الجنادل والثرى ، وصاروا بعد الحياة رفاتا ، قد فجع بهم الأحباب ، وارتهنوا فليس لهم إياب ، وكان قد صرنا إلى ما صاروا ، فنرتهن في ذلك المضجع ، ويضمنا ذلك المستودع ، يؤخذ بالقهر والاعتسار ، وليس ينفع منه شفق الحذار ، والسلام . قال : قلت له : فأي شيء كتبت إليه ؟ قال :لم أقدر له على الجواب .
حدثنا
أبو عمر عبد الله بن محمد الضبي ، ثنا
أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، ثنا
زكريا بن يحيى المقرئ ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي ،
والعتبي ، قالا : ثنا
عتبة بن هارون ، قال : مر
فضل الرقاشي وأنا معه ، بمقبرة فقال : يا أيها
الديار الموحشة التي نطق بالخراب فناؤها ، وشيد في التراب بناؤها ، فمحلها مقترب ، وساكنها مغترب في محلة المتشاغلين ، لا يتواصلون تواصل الإخوان ، ولا يتزاورون تزاور الجيران .
حدثنا
أبو محمد بن حيان ، ثنا
أحمد بن محمد بن عمر بن أبان ، ثنا
أبو بكر بن عبيد ، حدثني
محمد بن الحسين ، حدثني
عبيد الله بن محمد ، قال : سمعت أبي يقول : قال فضل الرقاشي :
ما تلذذ المتلذذون ، ولا استطارت قلوبهم بشيء كحسن الصوت بالقرآن ، وكل قلب لا يجب على حسن الصوت بالقرآن فهو قلب ميت . قال
الفضل : وأي عين لا تهمل على حسن الصوت إلا عين غافل أو لاه .
حدثنا
أبو بكر محمد بن أحمد المؤذن ، ثنا
أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا
عبد الله [ ص: 208 ] بن محمد بن سفيان ، حدثني
إبراهيم بن عبد الملك ، عن
يزيد بن أبي حكيم ، حدثني
الحكم بن أبان ، قال : قال
الفضل بن عيسى :
إذا احتضر ابن آدم قيل للملك الذي كان يكتب له كف ، قال : لا وما أدري لعله يقول لا إله إلا الله فأكتبها له .
حدثنا
محمد بن أحمد المؤذن ، ثنا
أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا
عبد الله بن محمد ، حدثني
محمد بن الحسين ، عن أبيه ، قال : قال
الفضل الرقاشي :
إذا كمد الحزن فتر ، وإذا فتر انقطع .