379 -
عوسجة العقيلي
ومنهم
عوسجة العقيلي ، كان مشاهدا مكابدا ، يحث على المشاهدة والتولي ، ويدعو إلى الوحدة والتخلي .
حدثنا
أبو محمد بن حيان ، ثنا
الحسن بن هارون بن سليمان ، ثنا
أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا
الفضل بن حرب ،
وعثمان بن يمان الحداني - يزيد أحدهما على صاحبه - ، عن
عبد الرحمن بن بديل العقيلي ، عن
عوسجة العقيلي ، قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى
عيسى ابن مريم عليه السلام : يا
عيسى ابن مريم أنزلني من نفسك كهمك ، واجعلني ذخرا لك في معادك ،
تقرب إلي بالنوافل أدنك ، وتوكل علي أكفك ، ولا تول غيري فأخذلك ،
واصبر على البلاء وارض بالقضاء ، وكن كمسرتي فيك فإن مسرتي فيك أن أطاع فلا أعصى ، وكن مني قريبا وأحي لي ذكرا بلسانك ، ولتكن مودتي في صدرك ، تيقظ من ساعات الغفلة وأحكم لي لطف الفطنة ،
وكن لي راغبا وراهبا ، وأمت قلبك بالخشية لي ، وراع الليل لتجزى مسرتي ، واظمأ لي من نهارك ليوم الري عندي ،
امش في الخيرات جهدك ، ولتعرف بالخير حيث ما توجهت ، واحكم لي في عبادي بنصيحتي ، وقم في الخلائق بعدلي ، فقد أنزلت عليك شفاء من وساوس الصدور ، ومن مرض الشيطان ، وجلاء الأبصار ومن عشا الكلال ، ولا تك كأنك فلس معبور وأنت حي تتنفس .
يا
عيسى ابن مريم حقا أقول لك ؛ ما آمنت بي خليقة إلا خشعت لي ، ولا خشعت إلا رجت ثوابي ، وأشهدك أنها آمنة من عقابي ما لم تبدل أو تغير سنتي . يا
عيسى ابن مريم ابن البكر البتول ابك على نفسك أيام الحياة بكاء مودع الأهل ، وخلى الدنيا وترك اللذات
[ ص: 302 ] لأهلها من بعده وارتفعت رغبته فيما عند إلهه ، وكن يقظان إذا نامت عيون الأبرار ، حذرا لما هو آت من أمر المعاد ، وزلازل الأهوال ؛ حيث لا ينفع أهل ولا ولد ولا مال ، واكحل عينك بملمول الحزن إذا ضحك البطالون ، وابك بكاء من قد علم أنه مودع ؛ للملم النازل الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد معه ، وكن في ذلك صابرا محتسبا ، فطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين ، فرح من الدنيا بالله يوما فيوما ، وذق مذاقه ما قد هرب منك أين طعمه ، وما لم يأتك كيف لذته ، حقا ما أقول لك ما أنت إلا بساعتك ويومك ، فرح من الدنيا بالبلغة ، وليكفك منها الجشر الجشيب ، قد رأيت إلى ما تصير ، مكتوب عليك ما أخذت وكيف رتعت ، فاعمل على حساب فإنك مسئول ، لو رأت عيناك ما أعددت لأوليائي الصالحين لذاب قلبك وزهقت نفسك اشتياقا إليه .