حدثنا
محمد بن أحمد ، وحدثني عنه أولا
عثمان بن محمد العثماني قال : ثنا
أبو الطيب العباس بن أحمد الشاشي ، ثنا
أبو عقيل الرصافي ، ثنا
أحمد بن عبد الله الزاهد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16113أبا علي شقيق بن إبراهيم البلخي يقول : "
عشرة أبواب من الزهد يسمى الرجل فيها زاهدا إذا فعلها ، فإذا خالفها سمي متزهدا ، والمتزهد الذي يتشبه بالزهاد في رؤيته وسمعته ، وخشوعه وقوله ، ومدخله ومخرجه ، ومطعمه وملبسه ومركبه ، وفعله وحرصه ، وحب الدنيا يشهد عليه بخلافه ترى رضاه رضا الراغبين ، وبساطه في كلامه وعجلته بساط الراغبين ، وحسده وبغيه
[ ص: 67 ] وتطاوله وكبره ، وفخره وسوء خلقه ، وحفا لسانه وطول خوضه فيما لا يعنيه يدل على نفاق المتزهد لا على خشوع الزاهد ، فاحذر من هذه الصفة ، وإذا وجدت فيمن يزعم أنه زاهد هذه الخصال التي أصفها لك فارج له أن يكون في بعض طريق الزهاد إذا سرته حسنة ، وساءته سيئة وكره أن يحمد بما لم يفعل من البر ، فأما إذا لم يفعل يكرهه كما يكره لحم الخنزير والميتة والدم ، وإذا عرف هذه الخصال صرف فيها نهاره وساعاته وليلته وساعاتها ، نقص أمله وطال غمه بما أمامه ، فإذا شغل نفسه بغير ما خلق له طال حزنه ، وعلم أنه مفتون وترك من شغله عن الطاعة في تلك الساعة ، فبهذا يجدون حلاوة الزهد وبه يحترزون من حزب الشيطان وإن ذكر الله عندهم أحلى من العسل وأبرد من البرد وأشفى من الماء العذب الصافي عند العطشان في اليوم الصائف ، وتكون مجالستهم مع من يصف لهم الزهاد ويعظهم أحب إليهم وأشهى عندهم ممن يعطيهم الدنانير والدراهم عند الحاجة ، وذلك بقلوبهم لا بألسنتهم ، وأن يخلو أحدهم بالبكاء على ذنوبه وعلى الخوف الشديد أن لا يقبل منه ما يعمل ، ويظهر للناس من التبسم والنشاط كأنه ذو رغبة لا ذو رهبة ، وأن لا يحدث نفسه أنه خير من أحد من أهل قبلته ، وأن يعرف ذنوبه ولا يعرف ذنوب غيره ، فإذا كانت فيه هذه الأبواب العشرة كان في طريق الزهاد فأرجو أن يسلكه إن شاء الله .
وسبعة أبواب تتلو هذه الأبواب : التواضع لله بالقلب لا بالتصنع ، والخضوع للحق طوعا لا بالاضطرار ، وحسن المعاشرة مع من ابتلي بمعاشرتهم لا لرغبة فيما عندهم ، والهرب من المنكبين على الدنيا كهرب الحمار من البيطار ، والنفور عنها كنفور الحمار من زئير السبع ، وطلب العافية من كل ما يخاف عقابه ولا يرجو ثوابه ، ومجالسة البكائين على الذنوب ، والرحمة لنفسه ولأنفسهم ، ومخاطبة العالمين بظاهره لا بقلبه ، ولا يتخوف من الكائن بعد الموت والأهوال والشدائد ، فإذا فعل ذلك سلك طريق الزهاد ونال أفضل العبادة " .