صفحة جزء
حدثنا الشيخ الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، قال ثنا أبو بكر أحمد بن محمد الوراق ، ثنا العباس بن أحمد الشاشي ، ثنا أبو عقيل الرصافي ، ثنا أحمد بن عبد الله الزاهد قال : سمعت شقيق بن إبراهيم البلخي يقول : قال إبراهيم بن أدهم : " أقرب الزهاد من الله عز وجل أشدهم خوفا ، وأحب الزهاد إلى الله أحسنهم له عملا ، وأفضل الزهاد عند الله أعظمهم فيما عنده رغبة ، وأكرم الزهاد عليه أتقاهم له ، وأتم الزهاد زهدا أسخاهم نفسا وأسلمهم صدرا ، وأكمل الزهاد زهدا أكثرهم يقينا " .

قال : وسمعت شقيقا يقول : قال إبراهيم بن أدهم : " الزاهد يكتفي من الأحاديث والقال والقيل وما كان وما يكون بقول الله تعالى : ( لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين ) يوم يقال : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) .

قال إبراهيم : فبلغني أن الحسن قال في قوله : " ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) لكل آدمي قلادة فيها نسخة عمله ، فإذا مات طويت وقلدها ، فإذا بعث نشرت ، وقيل : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) ابن آدم لقد أنصفك ربك وعدل عليك من جعلك حسيب نفسك ، يا ابن آدم فكايس عنها فإنها إن وقعت لم تنج " ، قال شقيق : قال إبراهيم : فمن فهم هذا بقلبه استنار وأشرق وأيقن وهدي واعتصم إن شاء الله .

قال شقيق : " والزاهد والراغب كرجلين يريد أحدهما المشرق والآخر يريد المغرب ، هل يتفقان على أمر واحد وبغيتهما مخالفة هواهما شتى ؟ دعاء الراغب : اللهم ارزقني مالا وولدا وخيرا ، وانصرني على أعدائي ، وادفع عني شرورهم وحسدهم وبغيهم وبلاءهم وفتنتهم آمين ، ودعاء الزاهد : اللهم ارزقني علم الخائفين ، وخوف العاملين ، ويقين المتوكلين ، وتوكل الموقنين ، وشكر الصابرين ، وصبر الشاكرين ، وإخبات المغلبين ، وإنابة المخبتين ، وزهد الصادقين ، وألحقني بالشهداء والأحياء المرزوقين ، آمين رب العالمين .

هذا دعاؤه ، هل من شيء من دعاء الراغب يحيط به ؟ لا والله هذا طريق وذاك طريق " .

[ ص: 71 ] حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن عيسى ، ثنا سعيد بن العباس ، ثنا أبي ، ثنا حاتم ، قال : سمعت شقيقا يقول : " مثل المؤمن كمثل رجل غرس نخلة وهو يخاف أن يحمل شوكا ، ومثل المنافق كمثل رجل زرع شوكا وهو يطمع أن يحصد تمرا ، هيهات هيهات كل من عمل حسنا فإن الله لا يجزيه إلا حسنا ولا تنزل الأبرار منازل الفجار " .

قال شقيق : " ولو أن رجلا كتب جميع العلم لم ينتفع به حتى يكون فيه خصلتان : حتى يكون فعله التفكير والعبر ، وقلبه فارغا للتفكر ، وعينه فارغة للعبر ، كلما نظر إلى شيء من الدنيا كان له عبرة ، المؤمن مشغول بخصلتين ، والمنافق مشغول بخصلتين ، المؤمن بالعبر والتفكر ، والمنافق مشغول بالحرص والأمل " .

وقال شقيق : " أربعة أشياء من طريق الاستقامة : لا يترك أمر الله لشدة تنزل به ، ولا يتركه لشيء يقع في يده من الدنيا ، فلا يعمل بهوى أحد ، ولا يعمل بهوى نفسه ; لأن الهوى مذموم ، ليعمل بالكتاب والسنة " .

وقال شقيق : " متى أغفل العبد قلبه عن الله والتفكر في صنعه ومنته عليه ثم مات مات عاصيا ; لأن العبد ينبغي له أن يكون قلبه أبدا مع الله يقول : يا رب أعطني الإيمان ، وعافني من البلاء ، واستر لي من عيوبي وارزقني واجعل نعمك متوالية علي ، فهو أبدا متفكر في نعم الله عليه ، فالتفكر في منة الله شكر ، والغفلة عنه سهو " .

قال شقيق : " ولا تكونن ممن يجمع بحرص ويحسبه بشك ويخلفه على الأعداء ، وينفقه في الرياء ، فيؤخذ في الحساب ويعاقب عليه إن لم يعف الله عز وجل " .

حدثنا محمد بن الحسين بن موسى ، ثنا محمد بن سعيد البلخي ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت محمد بن عبد يقول : سمعت محمد بن الليث يقول : سمعت حامدا يقول : سمعت حاتما يقول : سمعت شقيقا يقول : " من دار حول العلو فإنما يدور حول النار ، ومن دار حول الشهوات فإنما يدور حول درجاته في الجنة ليأكلها وينقصها في الدنيا " .

وقال شقيق : " ليس شيء أحب إلي من الضيف ; لأن رزقه ومؤنته على الله وأجره على الله " .

وقال : " اتق الأغنياء فإنك متى ما عقدت قلبك معهم ، وطمعت فيهم فقد اتخذتهم ربا من دون الله عز وجل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية