صفحة جزء
405 - أبو معاوية الأسود

ومنهم المعرض عن الأرذل ، والباحث على الأفضل ، اليمان أبو معاوية الأسود .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن فضيل العكي ، قال : غزا أبو معاوية الأسود فحصر المسلمون حصنا ، فيه علج ، لا يرمي حجرا لإنسان إلا أصابه ، فشكوا إلى أبي معاوية ، فقرأ : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) . اشتروني منه فلما وقف ، قال : أين تريدون بإذن الله ؟ قال : المذاكير ، فقال : أي رب سمعت ما سألوني فأعطني ما سألوني ، بسم الله . ثم رمى المذاكير بإذن الله ، فمر السهم حتى إذا قرب من حائط الحرس ارتفع حتى إذا أخذ العلج في مذاكيره فوقع وقال : شأنكم به .

قال : ومر أبو معاوية [ ص: 272 ] يوما فوجد خمس عشرة حبة فول - يعني باقلا مسلوقا - قال : فلقطها ثم ولى وجهه إلى القبلة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أي رب ارزقني شكر ما رزقتني فإني لو حمدتك من يوم خلقت الدنيا إلى أن تقوم الساعة ما أديت شكر هذا اليوم " .

حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : قلت لأبي معاوية الأسود : يا أبا معاوية ما أعظم النعمة علينا في التوحيد ، نسأل الله أن لا يسلبناه ، قال : " يحق على المنعم أن يتم على من أنعم عليه " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، سمعت أحمد بن وديع ، يقول : قال أبو معاوية الأسود : " إخواني كلهم خير مني ، قيل له : كيف ذاك يا أبا معاوية ؟ قال : كلهم يرى الفضل لي على نفسه ومن فضلني على نفسه فهو خير مني " .

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، سمعت عبد الله بن داود ، سمعت أبي ، يقول : لما مات علي بن فضيل خرج أبو معاوية الأسود من طرسوس إلى مكة يعزي أباه فضيل بن عياض ولم يحج حتى رجع ، فقال فضيل : " ما وافى مكة رجل أغبط عندي من أبي معاوية ، ولكلب ميت يجر برجله أغبط عندي منه " .

حدثنا علي بن الفضيل الفقيه البغدادي ، إملاء ، ثنا أحمد بن جعفر بن محمويه ، ثنا ابن أبي العوام ، ح . وحدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن السكن ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قالا : ثنا أبو بكر بن عبد الرحمن بن عنان العوفي ، سمعت أبا معاوية الأسود ، يقول في جوف الليل : " من كانت الدنيا أكبر همه طال غدا في القبر غمه ، ومن خاف ما بين يديه ضاق ذرعه ، ومن خاف الوعيد ، لها في الدنيا عما يريد . يا مسكين ، إن كنت تريد لنفسك فلا تنامن الليل إلا القليل ، اقبل من الدين الناصح إذا أتاك بأمر واضح ، لا تهتم بأرزاق من تخلف ، فليست أرزاقهم تكلف ، وطن نفسك للمقال إذا وقفت بين يدي رب العزة للسؤال ، قدم صالح الأعمال عند كثرة الاستعمال ، بادر ثم بادر قبل نزول ما تحاذر ، إذا بلغت روحك التراقي وانقطع عنك من أحببت أن تلاقي ، كأنا بها إذا بلغت الحلقوم وأنت في سكرات الموت مغموم ، إذا [ ص: 273 ] انقطعت حاجتك إلى أهلك ، وأنت تراهم حولك وقد بقيت مرتهنا بعملك ، فالصبر ملاك الأمر ، وفيه أعظم الأجر ، فاجعل ذكر الله من أجل نياتك ، واملك فيما ينوي ذلك لسانك . ثم بكى أبو معاوية بكاء شديدا ، ثم قال : أوه من يوم يتغير فيه لوني ، ويتلجلج فيه لساني ، ويقل فيه زادي . فقيل : يا أبا معاوية ، من قال هذا الكلام الحسن الجميل ؟ قال : حكيم من الحكماء . المساق لعلي بن الفضيل .

حدثنا أحمد بن جعفر أبو معبد ، ثنا أحمد بن مهدي ، حدثني أبو موسى العارفي ، قال : كنت أسمع أبا معاوية الأسود إذا قام من الليل يستقي الماء ، يقول : " ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا ، جبر الله لهم كل مصيبة بالجنة " .

حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، إملاء ، ثنا عبد الله بن بشر بن صالح ، ثنا يوسف بن سعيد ، ثنا إبراهيم بن مهدي ، سمعت أبا معاوية الأسود ، يقول : " ما ضرهم ما أصابهم في دنياهم ، جبر الله لهم كل مصيبة بالجنة " .

حدثنا محمد بن أحمد بن شاهين ، سمعت عبد الله بن أبي داود ، سمعت أبا حمزة نصر بن الفرج - وكان خادم أبي معاوية الأسود - يقال له : أي شيء كان يتكلم به أبو معاوية ويتمثل ؟ فقال : كان يجيء ويذهب ، ويقول : " ما ضرهم ما نالهم في الدنيا ، جبر الله لهم كل مصيبة بالجنة " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : كتب إلي أبو موسى بن المثنى ، حدثني عمرو بن أسلم ، ثنا أبو معاوية الأسود ، قال : " شمروا طلابا وشمروا هدابا ، لم يضرهم ما أصابهم في الدنيا ، جبر الله لهم كل مصيبة بالجنة " .

حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني حسين بن عبد الرحمن ، قال : قال أبو معاوية الأسود : " الخلق كلهم برهم وفاجرهم يسعون في أقل من جناح ذباب ، فقال له رجل : ما أقل من جناح ذباب ؟ قال : الدنيا " .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثني هارون بن الحسن ، قال : سمعت أبا معاوية الأسود ، يقول : " القلب المعني بأمر الله في علو من الله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية