465 -
nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث بن أسد المحاسبي
ومنهم المشاهد المراقبي والمساعد المصاحبي
أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي ، كان لألوان الحق مشاهدا ومراقبا ، ولآثار الرسول - عليه السلام - مساعدا ومصاحبا ، تصانيفه مدونة مسطورة ، وأقواله مبوبة مشهورة ، وأحواله
[ ص: 74 ] مصححة مذكورة ، كان في علم الأصول راسخا وراجحا ، وعن الخوض في الفضول جافيا وجانحا ، وللمخالفين الزائغين قامعا وناطحا ، وللمريدين والمنيبين قابلا وناصحا ، وقيل : إن فعل ذوي العقول الأخذ بالأصول ، والترك للمفضول ، واختيار ما اختاره الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
أخبرني
جعفر بن محمد الخواص - في كتابه - وحدثني عنه
أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد ، يقول :
كان nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث المحاسبي يجيء إلى منزلنا ، فيقول : " اخرج معي نصحن ، فأقول له : تخرجني من عزلتي وأمني على نفسي إلى الطرقات والآفات ورؤية الشهوات ؟ فيقول : اخرج معي ولا خوف عليك ، فأخرج معه ، فكان الطريق فارغا من كل شيء ، لا نرى شيئا نكرهه ، فإذا حصلت معه في المكان الذي يجلس فيه قال لي : سلني ، فأقول له : ما عندي سؤال أسألك ، فيقول لي : سلني عما يقع في نفسك ، فتنثال علي السؤالات ، فأسأله عنها ، فيجيبني عليها للوقت ، ثم يمضي إلى منزله فيعملها كتبا " .
أخبرني
جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه
أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : سمعت
الجنيد يقول : كنت كثيرا أقول
للحارث : عزلتي أنسي ، وتخرجني إلى وحشة رؤية الناس والطرقات ؟ فيقول لي : " كم تقول لي : أنسي في عزلتي ، لو أن نصف الخلق تقربوا مني ما وجدت بهم أنسا ، ولو أن النصف الآخر نأى عني ما استوحشت لبعدهم " .
أخبرني
جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه
أبو الحسن ، قال : سمعت
الجنيد ، يقول : كان
الحارث كثير الضر ، فاجتاز بي يوما وأنا جالس على بابنا ، فرأيت في وجهه زيادة الضر من الجوع ، فقلت له : يا عم ، لو دخلت إلينا نلت من شيء عندنا ؟ فقال : أو تفعل ؟ قلت : نعم ، وتسرني بذلك وتبرني ، فدخلت بين يديه ودخل معي ، وعمدت إلى بيت عمي ، وكان أوسع من بيتنا ، لا يخلو من أطعمة فاخرة لا يكون مثلها في بيتنا ، سريعا ، فجئت بأنواع كثيرة من الطعام ، فوضعته بين يديه ، فمد يده وأخذ لقمة ، فرفعها إلى فيه ، فرأيته يلوكها
[ ص: 75 ] ولا يزدردها ، فخرج وما كلمني ، فلما كان الغد لقيته ، فقلت : يا عم ، سررتني ثم نغصت علي ، فقال : يا بني ، أما الفاقة فكانت شديدة ، وقد اجتهدت أن أنال من الطعام الذي قدمته إلي ، ولكن بيني وبين الله علامة ،
إذا لم يكن الطعام عند الله مرضيا ارتفع إلى أنفي زمنه فورة ، فلم تقبله نفسي ، فقد رميت بتلك اللقمة في دهليزكم وخرجت " .
أخبرني
جعفر ، وحدثني عنه
أبو الحسن ، قال : سمعت
الجنيد ، يقول : مات
أبو الحارث المحاسبي وإن
الحارث لمحتاج إلى دانق فضة ، وخلف أبوه مالا كثيرا وما أخذ منه حبة واحدة ، وقال : "
أهل ملتين لا يتوارثان ، وكان أبوه واقفيا " .
سمعت
أبا الحسن بن مقسم ، يقول : سمعت
أبا علي بن خيران الفقيه ، يقول :
رأيت nindex.php?page=showalam&ids=15166أبا عبد الله الحارث بن أسد بباب الطاق في وسط الطريق متعلقا بأبيه والناس قد اجتمعوا عليه ، يقول : " طلق امرأتك ؛ فإنك على دين وهي على غيره " .
سمعت
أبا الحسن بن مقسم ، يقول : حدثني
محمد بن إسحاق بن الإمام ، حدثني أبي ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث بن أسد المحاسبي :
ما تفسير "خير الرزق ما يكفي " ؟ قال : " هو قوت يوم بيوم ، ولا تهتم لرزق غد " .
أخبرني
جعفر بن محمد الخواص - في كتابه - وحدثني عنه
أبو علي الحسين بن يحيى بن زكريا الفقيه ، قال : سمعت
أبا العباس بن مسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=14020والجنيد بن محمد ، يقولان : سمعنا
nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث المحاسبي ، يقول : " فقدنا ثلاثة أشياء لا نكاد نجدها إلى الممات :
حسن الصيانة ، وحسن القول مع الديانة ، وحسن الإخاء مع الأمانة " .
أخبرني
جعفر - في كتابه - وحدثني عنه
أبو طاهر محمد بن إبراهيم بن أحمد ، قال : سمعت
أبا عثمان البلدي ، يقول : بلغني عن
nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث المحاسبي ، أنه قال : "
العلم يورث المخافة ، والزهد يورث الراحة ، والمعرفة تورث الإنابة ، قال : قال
الحارث :
من صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص ، زين ظاهره بالمجاهدة واتباع السنة ؛ لقوله : (
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) " .
أخبرني
أبو جعفر - في كتابه - وحدثني عنه
محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد ، يقول : قال
الحارث : " لا ينبغي للعبد أن
يطلب الورع بتضييع [ ص: 76 ] الواجب ، وقال : قال
الحارث : إذا أنت لم تسمع نداء الله فكيف تجيب داعي الله ؟ ومن استغنى بشيء دون الله فقد جهل قدر الله ، وقال :
الظالم نادم ، وإن مدحه الناس ، والمظلوم سالم وإن ذمه الناس ، والقانع غني وإن جاع ، والحريص فقير وإن ملك " .
أخبرني
جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه
محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد ، يقول : قال
الحارث بن أسد : "
أصل الطاعة الورع ، وأصل الورع التقوى ، وأصل التقوى محاسبة النفس ، وأصل محاسبة النفس الخوف والرجاء ، وأصل الخوف والرجاء معرفة الوعد والوعيد ، ومعرفة أصل الوعد والوعيد عظم الجزاء ، وأصل ذلك الفكرة والعبرة ، وأصدق بيت قالته العرب قول
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت حيث يقول :
فما حملت من ناقة فوق رحلها أعف وأوفى ذمة من محمد
.