630 -
ابن طاهر الأبهري
ومنهم
الأبهري أبو بكر بن طاهر ظهر من حجابه الساتر ، وغمر في جنابه العامر ، رايات الكرام له مرفوعة وطوارق الإياس عنه موضوعة ، بسط لسانه في وجود الموجود وكرم المنعم المحمود .
سمعت
أبا نصر النيسابوري يحكي عن
عبد العزيز الأبهري ، قال : قال
أبو بكر بن طاهر :
رفع الله عن العالمين به حجب الأستار ، وأطلعهم على طويات مخزونات الأسرار ، وأمدهم بمواد المعارف والأنوار ، فهم بما ألبسهم من نوره إلى أسراره متطلعون ، وبما كاشفهم من شواهد حقيقة معرفته على سائر الأمور مشرفون ، لا يقدح في قلوبهم ريب ، بل كل ما أطلعهم عليه أثبت عندهم من العيان لأن بصائر الحقيقة لهم لامعة ، وأعلام الحق لهم مرفوعة لائحة ، ائتمنهم الحق
[ ص: 352 ] على معرفته إلهاما وتفضلا وإكراما ، أجزل لهم عطاياه وجعل قلوبهم مطاياه ، فدنا منها بلا مسافة ، ونزل أسرارهم بلا ممازجة ، فحماهم من الغفلة والفتور ، ففنيت صفاتهم بوجود شهوده ، فليس لهم عنه مغيب ، وعليهم في كل أحوالهم منه رقيب .
سمعت
أبا نصر يقول : قال
عبد العزيز بن محمد الأبهري : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر يقول : إذا لاحظ كرمه إني لأرجو أن يكون توحيد لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر ، ولا يعجز عن محق ما بعده من ذنب .
وكان يقول : ما أحببت أن تنجو منه بعملك فإلى حبك له تشير .
وقال :
ذنب يظهر به كرمه أحب إلي من عمل يظهر به شرفي .
وقال : قوم سألوا الله بألسنة الأعمال ، وقوم سألوه بألسنة الرحمة ، فكم بين من سأل بربه ، وبين من رجا ربه بعمله . وليس من رجا ربه بجوده كمن رجا ربه بنفسه .
وكان يقول : ما قدر طاعة نقابل بها نعمه ، وما قدر ذنوب نقابل بها كرمه ، إني لأرجو أن تكون ذنوبنا في كرمه أقل من طاعتنا في نعمه ، إذ لا يذنب العبد من الذنوب ما يغمر به عفو مولاه .
سمعت
محمد بن الحسين يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبا بكر الرازي يقول : سمعت
أبا بكر بن طاهر يقول :
في المحن ثلاثة أشياء : تطهير ، وتكفير ، وتذكير . فالتطهير من الكبائر ، والتكفير من الصغائر ، والتذكير لأهل الصفا .
سمعت
محمد بن الحسين يقول : سمعت
عبد الواحد بن أبي بكر يقول : سمعت بعض أصحابنا يقول : حضرت مع
أبي بكر بن طاهر جنازة فرأى بعض إخوان الميت يكثرون البكاء فنظر إلى أصحابه وأنشد :
ويبكي على الموتى ويترك نفسه ويزعم أن قد قل عنهم عزاؤه ولو كان ذا رأي وعقل وفطنة
لكان عليه لا عليهم بكاؤه
وقال
أبو بكر بن طاهر :
من خاف على نفسه شق عليه ركوب الأهوال ، ومن شق عليه ركوب الأهوال لا يرتقي إلى سمو المعالي في الأحوال .