المسألة الخامسة : اتفق الكل على أن المراد من قوله : (
حتى يؤمن )
الإقرار بالشهادة والتزام أحكام الإسلام ، وعند هذا احتجت
الكرامية بهذه الآية على أن الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار ، وقالوا : إن الله تعالى جعل الإيمان ههنا غاية التحريم ، والذي هو غاية التحريم ههنا الإقرار ، فثبت أن
الإيمان في عرف الشرع عبارة عن الإقرار .
واحتج أصحابنا على فساد هذا المذهب بوجوه :
أحدها : أنا بينا بالدلائل الكثيرة في تفسير قوله : (
الذين يؤمنون بالغيب ) [البقرة : 3] أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب .
وثانيها : قوله تعالى : (
ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) [البقرة : 8] ولو كان الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار لكان قوله تعالى : (
وما هم بمؤمنين ) كذبا .
وثالثها : قوله : (
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ) [الحجرات : 14] ولو كان الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار لكان قوله : (
قل لم تؤمنوا ) كذبا . ثم أجابوا عن تمسكهم بهذه الآية بأن التصديق الذي في القلب لا يمكن الاطلاع عليه فأقيم الإقرار باللسان مقام التصديق بالقلب .
[ ص: 52 ]