المسألة الثانية : أكثر فقهاء الأمصار على أن
المرأة إذا انقطع حيضها لا يحل للزوج مجامعتها إلا بعد أن تغتسل من الحيض ، وهذا قول
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، والمشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنها إن رأت الطهر دون عشرة أيام لم يقربها زوجها ، وإن رأته لعشرة أيام جاز أن يقربها قبل الاغتسال . حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من وجهين :
الحجة الأولى : أن القراءة المتواترة حجة بالإجماع ، فإذا حصلت قراءتان متواترتان وأمكن الجمع بينهما ، وجب الجمع بينهما .
إذا ثبت هذا فنقول : قرئ (
حتى يطهرن ) بالتخفيف وبالتثقيل و ( يطهرن ) بالتخفيف عبارة عن انقطاع الدم ، وبالتثقيل عبارة عن التطهر بالماء ، والجمع بين الأمرين ممكن ، وجب دلالة هذه الآية على وجوب الأمرين ، وإذا كان وجب أن لا تنتهي هذه الحرمة إلا عند حصول الأمرين .
الحجة الثانية : أن قوله تعالى : (
فإذا تطهرن فأتوهن ) علق الإتيان على التطهر بكلمة ( إذا ) ، وكلمة ( إذا ) للشرط في اللغة ،
والمعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط ، فوجب أن لا يجوز الإتيان عند عدم التطهر . حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله قوله تعالى : (
ولا تقربوهن حتى يطهرن ) نهى عن قربانهن وجعل غاية ذلك النهي أن يطهرن بمعنى ينقطع حيضهن ، وإذا كان انقطاع الحيض غاية لهذا النهي وجب أن لا يبقى هذا النهي عند انقطاع الحيض .
أجاب القاضي عنه بأنه لو اقتصر على قوله : (
حتى يطهرن ) لكان ما ذكرتم لازما ، أما لما ضم إليه قوله : (
فإذا تطهرن ) صار المجموع هو الغاية ، وذلك بمنزلة أن يقول الرجل : لا تكلم فلانا حتى يدخل الدار ، فإذا طابت نفسه بعد الدخول فكلمه ، فإنه يجب أن يتعلق إباحة كلامه بالأمرين جميعا ، وإذا ثبت أنه
لا بد بعد انقطاع الحيض من التطهر فقد اختلفوا في ذلك التطهر ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر الفقهاء : هو
الاغتسال . وقال بعضهم : وهو غسل الموضع ، وقال
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : هو أن تغسل الموضع وتتوضأ ، والصحيح هو الأول ; لوجهين :
الأول : أن ظاهر قوله : (
فإذا تطهرن ) حكم عائد إلى ذات المرأة ، فوجب أن يحصل هذا التطهر في كل بدنها لا في بعض من أبعاض بدنها .
والثاني : أن حمله على التطهر الذي يختص الحيض بوجوبه أولى من التطهر الذي يثبت في الاستحاضة كثبوته في الحيض ، فهذا يوجب أن المراد به الاغتسال ، وإذا أمكن بوجود الماء ، وإن تعذر ذلك فقد أجمع القائلون بوجوب الاغتسال ، على أن التيمم يقوم مقامه ، وإنما أثبتنا التيمم مقام الاغتسال بدلالة الإجماع ، وإلا فالظاهر يقتضي أن لا يجوز قربانها إلا عند الاغتسال بالماء .
[ ص: 60 ]