أما قوله تعالى : (
فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) فاعلم أن في الآية مسائل :
المسألة الأولى : في الفصال قولان ، الأول : أنه الفطام ؛ لقوله تعالى : (
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [الأحقاف : 15] وإنما
سمي الفطام بالفصال لأن الولد ينفصل عن الاغتذاء بلبن أمه إلى غيره من الأقوات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : يقال : فصل الولد عن الأم فصلا وفصالا، وقرئ بهما في قوله : (
وحمله وفصاله ) ، والفصال أحسن؛ لأنه إذا انفصل من أمه فقد انفصلت منه، فبينهما فصال ، نحو القتال والضراب، وسمي الفصيل فصيلا لأنه مفصول عن أمه، ويقال : فصل من البلد : إذا خرج عنه وفارقه ، قال تعالى : (
فلما فصل طالوت بالجنود ) [البقرة : 249] ، واعلم أن حمل الفصال هاهنا على الفطام هو قول أكثر المفسرين.
واعلم أنه تعالى لما بين أن
الحولين الكاملين هو تمام مدة الرضاع ، وجب حمل هذه الآية على غير ذلك حتى لا يلزم التكرار، ثم اختلفوا فمنهم من قال : المراد من هذه الآية أن
الفطام قبل الحولين جائز ، ومنهم من قال : إنها تدل على أن الفطام قبل الحولين جائز، وبعده أيضا جائز ، وهذا القول مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما.
حجة القول الأول أن ما قبل الآية لما دل على جواز الفطام عند تمام الحولين كان أيضا دليلا على جواز الزيادة على الحولين ، وإذا كان كذلك بقيت هذه الآية دالة على جواز الفطام قبل تمام الحولين فقط.
وحجة القول الثاني أن الولد قد يكون ضعيفا فيحتاج إلى الرضاع ، ويضر به فطمه كما يضر ذلك قبل الحولين، وأجاب الأولون أن حصول المضرة في الفطام بعد الحولين نادر ، وحمل الكلام على المعهود واجب . والله أعلم.
القول الثاني في تفسير الفصال، هو أن
أبا مسلم لما ذكر القول الأول قال : ويحتمل معنى آخر، وهو أن يكون المراد من الفصال إيقاع المفاصلة بين الأم والولد إذا حصل التراضي والتشاور في ذلك ولم يرجع بسبب ذلك ضرر إلى الولد.