ثم قال تعالى : (
وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) وفيه مسائل :
[ ص: 91 ] المسألة الأولى : قرأ
عاصم " تصدقوا " بتخفيف الصاد والباقون بتشديدها ، والأصل فيه : أن تتصدقوا بتاءين ، فمن خفف حذف إحدى التاءين تخفيفا ، ومن شدد أدغم إحدى التاءين في الأخرى .
المسألة الثانية : في التصدق قولان : الأول : معناه : وأن
تصدقوا على المعسر بما عليه من الدين إذ لا يصح التصدق به على غيره ، وإنما جاز هذا الحذف للعلم به ؛ لأنه قد جرى ذكر المعسر وذكر رأس المال فعلم أن التصدق راجع إليهما ، وهو كقوله (
وأن تعفوا أقرب للتقوى ) [ البقرة : 237] والثاني : أن المراد بالتصدق الإنظار لقوله عليه السلام :
" لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة " وهذا القول ضعيف ؛ لأن الإنظار ثبت وجوبه بالآية الأولى ، فلا بد من حمل هذه الآية على فائدة جديدة ، ولأن قوله : (
خير لكم ) لا يليق بالواجب بل بالمندوب .
المسألة الثالثة : المراد بالخير حصول الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في الآخرة .
ثم قال : (
إن كنتم تعلمون ) وفيه وجوه :
الأول : معناه إن كنتم تعلمون أن هذا التصدق خير لكم إن عملتموه ، فجعل العمل من لوازم العلم ، وفيه تهديد شديد على العصاة . والثاني : إن كنتم تعلمون
فضل التصدق على الإنظار والقبض . والثالث إن كنتم تعلمون أن ما يأمركم به ربكم أصلح لكم .