صفحة جزء
واعلم أنه تعالى لما أمر عند المداينة بالكتابة أولا ، ثم بالإشهاد ثانيا ، أعاد ذلك مرة أخرى على سبيل التأكيد ، فأمر بالكتابة ، فقال : ( ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ) وفيه مسائل :

المسألة الأولى : السآمة الملال والضجر ، يقال : سئمت الشيء سأما وسآمة ، والمقصود من الآية البعث على الكتابة قل المال أو كثر ، فإن القليل من المال في هذا الاحتياط كالكثير ، فإن النزاع الحاصل بسبب القليل من المال ربما أدى إلى فساد عظيم ولجاج شديد ، فأمر تعالى في الكثير والقليل بالكتابة ، فقال : ( ولا تسأموا ) أي ولا تملوا فتتركوا ثم تندموا .

فإن قيل : فهل تدخل الحبة والقيراط في هذا الأمر ؟

قلنا : لا لأن هذا محمول على العادة ، ليس في العادة أن يكتبوا التافه .

المسألة الثانية : " أن " في محل النصب لوجهين : إن شئت جعلته مع الفعل مصدرا فتقديره : ولا تسأموا كتابته ، وإن شئت بنزع الخافض تقديره : ولا تسأموا من أن تكتبوه إلى أجله .

المسألة الثالثة : الضمير في قوله : ( أن تكتبوه ) لا بد وأن يعود إلى المذكور سابقا ، وهو ههنا إما الدين وإما الحق .

المسألة الرابعة : قرئ " ولا يسأموا أن يكتبوه " بالياء فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية