المسألة الخامسة : الفقهاء تمسكوا بهذه الآية في إثبات أن الأصل في الإمساك البقاء والاستمرار ؛ لأن اللام في قوله : (
لها ما كسبت ) يدل على ثبوت هذا الاختصاص ، وتأكد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : "
كل امرئ أحق بكسبه من والده وولده وسائر الناس أجمعين " وإذا تمهد هذا الأصل خرج عليه شيء كثير من مسائل الفقه .
منها أن
المضمونات لا تملك بأداء الضمان ؛ لأن المقتضي لبقاء الملك قائم ، وهو قوله : (
لها ما كسبت ) والعارض الموجود ، إما الغضب ، وإما الضمان ، وهما لا يوجبان زوال الملك بدليل أم الولد والمدبرة .
ومنها أنه إذا غصب ساحة وأدرجها في بنائه ، أو غصب حنطة فطحنها لا يزول الملك لقوله (
لها ما كسبت ) .
ومنها أنه
لا شفعة للجار ؛ لأن المقتضي لبقاء الملك قائم ، وهو قوله : (
لها ما كسبت ) والفرق بين الشريك والجار ظاهر بدليل أن الجار لا يقدم على الشريك ، وذلك يمنع من حصول الاستواء ولأن التضرر
[ ص: 125 ] بمخالطة الجار أقل ولأن في الشركة يحتاج إلى تحمل مؤنة القسمة وهذا المعنى مفقود في الجار .
ومنها أن
القطع لا يمنع وجوب الضمان ؛ لأن المقتضي لبقاء الملك قائم ، وهو قوله : (
لها ما كسبت ) والقطع لا يوجب زوال الملك بدليل أن المسروق متى كان باقيا قائما ، فإنه يجب رده على المالك ، ولا يكون القطع مقتضيا زوال ملكه عنه .
ومنها أن منكري وجوب الزكاة احتجوا به ، وجوابه أن الدلائل الموجبة للزكاة أخص ، والخاص مقدم على العام ، وبالجملة فهذه الآية أصل كبير في فروع الفقه والله أعلم .