المسألة الثالثة : من الناس من قال :
المراد بآل إبراهيم المؤمنون ، كما في قوله : (
النار يعرضون عليها ) [غافر : 46 ] والصحيح أن المراد بهم الأولاد ، وهم المراد بقوله تعالى : (
إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) [البقرة : 124 ] وأما
آل عمران فقد اختلفوا فيه ، فمنهم من قال : المراد
عمران والد موسى وهارون ، وهو عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فيكون المراد من
آل عمران موسى وهارون وأتباعهما من الأنبياء ، ومنهم من قال : بل المراد :
عمران بن ماثان والد مريم ، وكان هو من نسل
سليمان بن داود بن إيشا ، وكانوا من نسل
يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ، قالوا . وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة ، واحتج من قال بهذا القول على صحته بأمور .
أحدها : أن المذكور عقيب قوله : (
وآل عمران على العالمين ) هو
عمران بن ماثان جد عيسى - عليه السلام - من قبل الأم ، فكان صرف الكلام إليه أولى .
وثانيها : أن المقصود من الكلام أن
النصارى كانوا يحتجون على إلهية عيسى بالخوارق التي ظهرت على يديه ، فالله تعالى يقول : إنما ظهرت على يده إكراما من الله تعالى إياه بها ، وذلك لأنه تعالى اصطفاه على العالمين وخصه بالكرامات العظيمة ، فكان حمل هذا
[ ص: 21 ] الكلام على
عمران بن ماثان أولى في هذا المقام من حمله على
عمران والد موسى وهارون .
وثالثها : أن هذا اللفظ شديد المطابقة لقوله تعالى : (
وجعلناها وابنها آية للعالمين ) [الأنبياء : 91 ] واعلم أن هذه الوجوه ليست دلائل قوية ، بل هي أمور ظنية ، وأصل الاحتمال قائم .