ثم حكى تعالى عنها كلاما ثانيا وهو قولها : (
وإني سميتها مريم ) وفيه أبحاث :
البحث الأول : أن ظاهر هذا الكلام يدل على ما حكينا من أن
عمران كان قد مات في حال حمل
حنة بمريم ، فلذلك تولت الأم تسميتها ؛ لأن العادة أن ذلك يتولاه الآباء .
البحث الثاني : أن
مريم في لغتهم : العابدة ، فأرادت بهذه التسمية أن
تطلب من الله تعالى أن يعصمها من آفات الدين والدنيا ، والذي يؤكد هذا قولها بعد ذلك : (
وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) .
البحث الثالث : أن قوله : (
وإني سميتها مريم ) معناه : وإني سميتها بهذا اللفظ أي جعلت هذا اللفظ اسما لها ، وهذا يدل على أن الاسم والمسمى والتسمية أمور ثلاثة متغايرة .
ثم حكى الله تعالى عنها كلاما ثالثا وهو قولها : (
وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) وذلك
[ ص: 25 ] لأنه لما فاتها ما كانت تريد من أن يكون رجلا خادما للمسجد تضرعت إلى الله تعالى في أن يحفظها من الشيطان الرجيم ، وأن يجعلها من الصالحات القانتات ، وتفسير الشيطان الرجيم قد تقدم في أول الكتاب .