وقوله : ( فيكون طيرا بإذن الله ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
نافع " فيكون طائرا" بالألف على الواحد ، والباقون " طيرا " على الجمع ، وكذلك في المائدة ، والطير : اسم الجنس يقع على الواحد وعلى الجمع .
يروى أن
عيسى - عليه السلام - لما ادعى النبوة ، وأظهر المعجزات ، أخذوا يتعنتون عليه وطالبوه بخلق خفاش ، فأخذ طينا وصوره ، ثم نفخ فيه ، فإذا هو يطير بين السماء والأرض ، قال
وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه ، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ، ثم اختلف الناس فقال قوم : إنه لم يخلق غير الخفاش ، وكانت قراءة
نافع عليه .
وقال آخرون : إنه خلق أنواعا من الطير وكانت قراءة الباقين عليه .
المسألة الثانية : قال بعض المتكلمين : الآية تدل على أن
الروح جسم رقيق كالريح ، ولذلك وصفها بالفتح ، ثم هاهنا بحث ، وهو أنه هل يجوز أن يقال : إنه تعالى أودع في نفس
عيسى - عليه السلام - خاصية ، بحيث متى نفخ في شيء كان نفخه فيه موجبا لصيرورة ذلك الشيء حيا ، أو يقال : ليس الأمر كذلك بل الله تعالى كان يخلق الحياة في ذلك الجسم بقدرته عند نفخة
عيسى - عليه السلام - فيه على سبيل إظهار المعجزات ، وهذا الثاني هو الحق لقوله تعالى : (
الذي خلق الموت والحياة ) [ الملك : 2 ] وحكي عن
إبراهيم - عليه السلام - أنه قال في مناظرته مع الملك : (
ربي الذي يحيي ويميت ) [ البقرة : 258 ] فلو حصل لغيره هذه الصفة لبطل ذلك الاستدلال .