(
وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين )
قوله تعالى : (
وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين )
فيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
حفص عن
عاصم " فيوفيهم " بالياء ، يعني فيوفيهم الله ، والباقون بالنون حملا على ما تقدم من قوله ( فأحكم ) ( فأعذبهم ) وهو الأولى لأنه نسق الكلام .
[ ص: 65 ] المسألة الثانية : ذكر الذين آمنوا ، ثم وصفهم بأنهم عملوا الصالحات ، وذلك يدل على أن العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان ، وقد تقدم ذكر هذه الدلالة مرارا .
المسألة الثالثة : احتج من قال بأن
العمل علة للجزاء بقوله : (
فيوفيهم أجورهم ) فشبههم في عبادتهم لأجل طلب الثواب بالمستأجر ، والكلام فيه أيضا قد تقدم ، والله أعلم .
المسألة الرابعة :
المعتزلة احتجوا بقوله : (
والله لا يحب الظالمين ) على أنه تعالى لا يريد
الكفر والمعاصي ، قالوا : لأن مريد الشيء لا بد وأن يكون محبا له إذا كان ذلك الشيء من الأفعال ، وإنما تخالف المحبة الإرادة إذا علقتا بالأشخاص ، فقد يقال : أحب زيدا ، ولا يقال : أريده ، وأما إذا علقتا بالأفعال : فمعناهما واحد إذا استعملتا على حقيقة اللغة ، فصار قوله : (
والله لا يحب الظالمين ) بمنزلة قوله : ( لا يريد ظلم الظالمين ) هكذا قرره القاضي ، وعند أصحابنا أن المحبة عبارة عن إرادة إيصال الخير إليه ، فهو تعالى وإن أراد كفر الكافر إلا أنه لا يريد إيصال الثواب إليه ، وهذه المسألة قد ذكرناها مرارا وأطوارا .