المسألة الخامسة : كان في
الري رجل يقال له :
محمود بن الحسن الحمصي ، وكان معلم الاثني عشرية ، وكان يزعم أن
عليا - رضي الله عنه - أفضل من جميع الأنبياء سوى
محمد - عليه السلام ، قال : والذي يدل عليه قوله تعالى : (
وأنفسنا وأنفسكم ) ، وليس المراد بقوله : ( وأنفسنا ) نفس
محمد - صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فدلت الآية على أن نفس
علي هي نفس
محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد منه أن هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة ، وفي حق الفضل لقيام الدلائل على أن
محمدا - عليه السلام - كان نبيا وما كان
علي كذلك ، ولانعقاد الإجماع على أن
محمدا - عليه السلام - كان أفضل من
علي رضي الله عنه ، فيبقى فيما وراءه معمولا به ، ثم الإجماع دل على أن
محمدا - عليه السلام - كان أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام ، فيلزم أن يكون
علي أفضل من سائر الأنبياء ، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية ، ثم قال : ويؤيد الاستدلال بهذه الآية الحديث المقبول عند الموافق والمخالف ، وهو قوله عليه السلام : "
من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحا في طاعته ، وإبراهيم في خلته ، وموسى في هيبته ، وعيسى في صفوته ، فلينظر إلى nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه " ، فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم ، وذلك يدل على أن
عليا - رضي الله عنه - أفضل من جميع الأنبياء سوى
محمد صلى الله عليه وسلم .
وأما سائر
الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الآية على أن
عليا - رضي الله عنه - مثل نفس
محمد - عليه السلام - إلا فيما خصه الدليل ، وكان نفس
محمد أفضل من الصحابة رضوان الله عليهم ، فوجب أن يكون نفس
علي أفضل أيضا من سائر الصحابة ، هذا تقدير كلام
الشيعة .
والجواب : أنه كما انعقد الإجماع بين المسلمين على أن
محمدا - عليه السلام - أفضل من
علي ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم قبل ظهور هذا الإنسان ، على أن
النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا على أن
عليا - رضي الله عنه - ما كان نبيا ، فلزم القطع بأن ظاهر الآية كما أنه مخصوص في حق
محمد صلى الله عليه وسلم ، فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياء عليهم السلام .