[ ص: 119 ] (
وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم )
وأما
قوله : ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) ففيه سؤال :
وهو أن يقال : قيل : فإن الله به عليم على جهة جواب الشرط مع أن الله تعالى يعلمه على كل حال .
والجواب : من وجهين :
الأول : أن فيه معنى الجزاء ، تقديره : وما تنفقوا من شيء فإن الله به يجازيكم قل أم كثر ؛ لأنه عليم به لا يخفى عليه شيء منه ، فجعل كونه عالما بذلك الإنفاق كناية عن إعطاء الثواب ، والتعريض في مثل هذا الموضع يكون أبلغ من التصريح .
والثاني : أنه تعالى يعلم الوجه الذي لأجله يفعلونه ، ويعلم أن الداعي إليه أهو الإخلاص أم الرياء ، ويعلم أنكم تنفقون الأحب الأجود ، أم الأخس الأرذل .
واعلم أن نظير هذه الآية قوله : (
وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) [ البقرة : 197 ] ، وقوله : (
وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ) [ البقرة : 270 ] ، قال صاحب " الكشاف " : " من " في قوله : ( من شيء ) لتبيين ما ينفقونه أي من شيء كان طيبا تحبونه أو خبيثا تكرهونه فإن الله به عليم يجازيكم على قدره .