ثم قال تعالى : (
وما الله يريد ظلما للعالمين ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : إنما حسن ذكر الظلم هاهنا لأنه تقدم ذكر العقوبة الشديدة وهو سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين ، فكأنه تعالى يعتذر عن ذلك وقال : إنهم ما وقعوا فيه إلا بسبب أفعالهم المنكرة فإن
مصالح العالم لا تستقيم إلا بتهديد المذنبين ، وإذا حصل هذا التهديد فلا بد من التحقيق دفعا للكذب ، فصار هذا الاعتذار من أدل الدلائل ، على أن
جانب الرحمة غالب ، ونظيره قوله تعالى في سورة ( عم ) بعد أن ذكر وعيد الكفار : (
إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا ) [ النبأ : 28 ] أي هذا الوعيد الشديد إنما حصل بسبب هذه الأفعال المنكرة .