صفحة جزء
المسألة الخامسة : قد عرفت أن الألفاظ الدالة على تلك المعاني تستتبع ذكر الألفاظ الدالة على ارتباط بعضها بالبعض ، فلهذا السبب الظاهر وضع الأسماء والأفعال سابق على وضع الحروف فأما الأفعال والأسماء فأيهما أسبق ؟ الأظهر أن وضع الأسماء سابق على وضع الأفعال ، ويدل عليه وجوه :

الأول : أن الاسم لفظ دال على الماهية ، والفعل لفظ دال على حصول الماهية بشيء من الأشياء في زمان معين ، فكان الاسم مفردا والفعل مركبا ، والمفرد سابق على المركب بالذات والرتبة ، فوجب أن يكون سابقا عليه في الذكر واللفظ .

الثاني : أن الفعل يمتنع التلفظ به إلا عند الإسناد إلى الفاعل ، أما اللفظ الدال على ذلك الفاعل فقد يجوز التلفظ به من غير أن يسند إليه الفعل ، فعلى هذا الفاعل غني عن الفعل ، والفعل محتاج إلى الفاعل ، والغني سابق بالرتبة على المحتاج ، فوجب أن يكون سابقا عليه في الذكر .

الثالث : أن تركيب الاسم مع الاسم مفيد ، وهو الجملة المركبة من المبتدأ والخبر ، أما تركيب الفعل مع الفعل فلا يفيد البتة بل ما لم يحصل في الجملة الاسم لم يفد البتة ، فعلمنا أن الاسم متقدم بالرتبة على الفعل ، فكان الأظهر تقدمه عليه بحسب الوضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية