ثم
قال تعالى : ( والله وليهما ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
عبد الله ( والله وليهم ) كقوله : (
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) [ الحجرات : 9 ] .
المسألة الثانية : في المعنى وجوه . الأول : أن المراد منه بيان أن ذلك الهم ما أخرجهما عن ولاية الله تعالى . الثاني : كأنه قيل : الله تعالى ناصرهما ومتولي أمرهما فكيف يليق بهما هذا الفشل وترك التوكل على الله تعالى ؟ الثالث : فيه تنبيه على أن ذلك الفشل إنما لم يدخل في الوجود لأن الله تعالى وليهما فأمدهما بالتوفيق والعصمة ، والغرض منه بيان أنه
لولا توفيقه سبحانه وتسديده لما تخلص أحد عن ظلمات المعاصي ، ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى بعد هذه الآية : (
وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) .
فإن قيل : ما معنى ما روي عن بعضهم عند نزول هذه الآية أنه قال : والله ما يسرنا أنا لم نهم بما همت الطائفتان به ، وقد أخبرنا الله تعالى بأنه وليهما ؟
[ ص: 182 ] قلنا : معنى ذلك فرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء الله تعالى وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية ، وأن تلك الهمة ما أخرجتهم عن ولاية الله تعالى .
ثم قال : (
وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) التوكل : تفعل ، من وكل أمره إلى فلان إذا اعتمد فيه كفايته عليه ولم يتوله بنفسه ، وفي الآية إشارة إلى أنه
ينبغي أن يدفع الإنسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله ، وأن يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل .