[ ص: 3 ] (
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون )
قوله تعالى : (
ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون )
اعلم أن من الناس من قال : إنه تعالى لما شرح عظيم نعمه على المؤمنين فيما يتعلق بإرشادهم إلى الأصلح لهم في أمر الدين وفي أمر الجهاد ، أتبع ذلك بما يدخل في الأمر والنهي والترغيب والتحذير فقال : (
ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا ) وعلى هذا التقدير تكون هذه الآية ابتداء كلام ، ولا تعلق لها بما قبلها ، وقال
القفال رحمه الله : يحتمل أن يكون ذلك متصلا بما تقدم من جهة أن المشركين إنما أنفقوا على تلك العساكر أموالا جمعوها بسبب الربا ، فلعل ذلك يصير داعيا للمسلمين إلى الإقدام على الربا حتى يجمعوا المال وينفقوه على العسكر فيتمكنون من الانتقام منهم ، فلا جرم نهاهم الله عن ذلك .
وفي قوله : (
أضعافا مضاعفة ) مسألتان :
المسألة الأولى : كان الرجل في الجاهلية إذا كان له على إنسان مائة درهم إلى أجل ، فإذا جاء الأجل ولم يكن المديون واجدا لذلك المال قال : زد في المال حتى أزيد في الأجل فربما جعله مائتين ، ثم إذا حل الأجل الثاني فعل ذلك ، ثم إلى آجال كثيرة ، فيأخذ بسبب تلك المائة أضعافها فهذا هو المراد من قوله : (
أضعافا مضاعفة ) .
المسألة الثانية : انتصب ( أضعافا ) على الحال .
ثم قال تعالى : (
واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .
اعلم أن اتقاء الله في هذا النهي واجب ، وأن الفلاح يتوقف عليه ، فلو أكل ولم يتق زال الفلاح وهذا تنصيص على أن
الربا من الكبائر لا من الصغائر .
وتفسير قوله : ( لعلكم ) تقدم في سورة البقرة في قوله : (
اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) [البقرة : 21] وتمام الكلام في الربا أيضا مر في سورة البقرة .