صفحة جزء
ثم قال : ( وليمحص الله الذين آمنوا ) أي ليطهرهم من ذنوبهم ويزيلها عنهم ، والمحص : في اللغة التنقية ، والمحق في اللغة النقصان ، وقال المفضل : هو أن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه شيء ، ومنه قوله تعالى : ( يمحق الله الربا ) [البقرة : 276] أي يستأصله . قال الزجاج : معنى الآية أن الله تعالى جعل الأيام مداولة بين المسلمين والكافرين ، فإن حصلت الغلبة للكافرين على المؤمنين كان المراد تمحيص ذنوب المؤمنين ، وإن كانت الغلبة للمؤمنين على هؤلاء الكافرين كان المراد محق آثار الكافرين ومحوهم ، فقابل تمحيص المؤمنين بمحق الكافرين ؛ لأن تمحيص هؤلاء بإهلاك ذنوبهم نظير محق أولئك بإهلاك أنفسهم ، وهذه مقابلة لطيفة في المعنى . والأقرب أن المراد بالكافرين هاهنا طائفة مخصوصة منهم وهم الذين حاربوا الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وإنما قلنا ذلك لعلمنا بأنه تعالى لم يمحق كل الكفار ، بل كثير منهم بقي على كفره والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية