ثم قال : (
فإذا عزمت فتوكل على الله ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : المعنى أنه إذا حصل الرأي المتأكد بالمشورة فلا يجب أن يقع الاعتماد عليه بل يجب أن يكون الاعتماد على إعانة الله وتسديده وعصمته ، والمقصود أن لا يكون للعبد اعتماد على شيء إلا على الله في جميع الأمور .
المسألة الثانية : دلت الآية على أنه
ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه ، كما يقوله بعض الجهال ، وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل ، بل
التوكل هو أن يراعي الإنسان الأسباب الظاهرة ، ولكن لا يعول بقلبه عليها ، بل يعول على عصمة الحق .
[ ص: 56 ] المسألة الثالثة : حكي عن
جابر بن زيد أنه قرأ (
فإذا عزمت ) بضم التاء ، كأن الله تعالى قال للرسول إذا عزمت أنا فتوكل ، وهذا ضعيف من وجهين :
الأول : وصف الله بالعزم غير جائز ، ويمكن أن يقال : هذا العزم بمعنى الإيجاب والإلزام ، والمعنى وشاورهم في الأمر ، فإذا عزمت لك على شيء وأرشدتك إليه . فتوكل علي ، ولا تشاور بعد ذلك أحدا .
والثاني : أن
القراءة التي لم يقرأ بها أحد من الصحابة لا يجوز إلحاقها بالقرآن ، والله أعلم .
ثم قال تعالى : (
إن الله يحب المتوكلين ) والغرض منه ترغيب المكلفين في الرجوع إلى الله تعالى والإعراض عن كل ما سوى الله .