ثم قال تعالى : (
ثم توفى كل نفس ما كسبت ) وفيه سؤالان :
السؤال الأول : هلا قيل ثم يوفى ما كسب ليتصل بما قبله ؟
والجواب : الفائدة في ذكر هذا العموم أن صاحب الغلول إذا علم أن هاهنا مجازيا يجازي كل أحد على عمله سواء كان خيرا أو شرا ، علم أنه غير متخلص من بينهم مع عظم ما اكتسب .
السؤال الثاني :
المعتزلة يتمسكون بهذا في إثبات
كون العبد فاعلا ، وفي إثبات
وعيد الفساق .
أما الأول : فلأنه تعالى أثبت الجزاء على كسبه ، فلو كان كسبه خلقا لله لكان الله تعالى يجازيه على ما خلقه فيه .
وأما الثاني : فلأنه تعالى قال في القاتل المتعمد : (
فجزاؤه جهنم ) [النساء : 93] وأثبت في هذه الآية أن كل عامل يصل إليه جزاؤه فيحصل من مجموع الآيتين القطع بوعيد الفساق .
والجواب : أما سؤال الفعل فجوابه المعارضة بالعلم ، وأما سؤال الوعيد فهذا العموم مخصوص في صورة التوبة ، فكذلك يجب أن يكون مخصوصا في صورة العفو للدلائل الدالة على العفو .
ثم قال تعالى : (
وهم لا يظلمون ) قال القاضي : هذا يدل على أن الظلم ممكن في أفعال الله وذلك بأن ينقص من الثواب أو يزيد في العقاب ، قال : ولا يتأتى ذلك إلا على قولنا دون قول من يقول من المجبرة : إن أي شيء فعله تعالى فهو عدل وحكمة لأنه المالك .
الجواب : نفي الظلم عنه لا يدل على صحته عليه ، كما أن قوله : (
لا تأخذه سنة ولا نوم ) [البقرة : 255] لا يدل على صحتهما عليه .