المسألة الثانية : استدلت
المعتزلة على أن
أفعال العبد غير مخلوقة لله تعالى بقوله : (
قل هو من عند أنفسكم ) من وجوه :
أحدها : أن بتقدير أن يكون ذلك حاصلا بخلق الله ولا تأثير لقدرة العبد فيه ، كان قوله : (
من عند أنفسكم ) كذبا .
وثانيها : أن القوم تعجبوا أن الله كيف يسلط الكافر على المؤمن ، فالله تعالى أزال التعجب بأن ذكر أنكم إنما وقعتم في هذا المكروه بسبب شؤم فعلكم ، فلو كان فعلهم خلقا لله لم يصح هذا الجواب .
وثالثها : أن القوم قالوا : ( أنى هذا ) ، أي من أين هذا ؟ فهذا طلب لسبب الحدوث ، فلو لم يكن المحدث لها هو العبد لم يكن الجواب مطابقا للسؤال .
والجواب : أنه معارض بالآيات الدالة على كون أفعال العبد بإيجاد الله تعالى .
ثم قال تعالى : (
إن الله على كل شيء قدير ) أي أنه قادر على نصركم لو ثبتم وصبرتم ، كما أنه قادر على التخلية إذا خالفتم وعصيتم ، واحتج أصحابنا بهذا على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، قالوا : إن فعل العبد شيء فيكون مخلوقا لله تعالى قادرا عليه ، وإذا كان الله قادرا على إيجاده ، فلو أوجده العبد امتنع كونه تعالى قادرا على إيجاده لأنه لما أوجده العبد امتنع من الله إيجاده ; لأن إيجاد الموجود محال ، فلما كان كون العبد موجدا له يفضي إلى هذا المحال ، وجب أن لا يكون العبد موجدا له ، والله أعلم .