المسألة الثانية : قالت
المعتزلة : هذه الآية دالة على
القطع بوعيد الفساق ، وذلك لأن من يلزمه هذه الحقوق ولا تسقط عنه هو المصدق بالرسول وبالشريعة ، أما قوله : (
بل هو شر لهم ) فلأنه يؤدي إلى حرمان الثواب وحصول النار ، وأما قوله : (
سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) فهو صريح بالوعيد .
واعلم أن الكلام في هذه المسألة تقدم في سورة البقرة .
ثم قال تعالى : (
ولله ميراث السماوات والأرض ) وفيه وجهان :
الأول : وله ما فيها مما يتوارثه أهلهما من مال وغيره ، فما لهم يبخلون عليه بملكه ولا ينفقونه في سبيله! ونظيره قوله تعالى : (
وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) [ الحديد : 7 ] .
والثاني : وهو قول الأكثرين : المراد أنه يفنى أهل السماوات والأرض وتبقى الأملاك ولا مالك لها إلا الله ، فجرى هذا مجرى الوراثة إذ كان الخلق يدعون الأملاك ، فلما ماتوا عنها ولم يخلفوا أحدا كان هو الوارث لها ، والمقصود من الآية أنه يبطل ملك جمع المالكين إلا ملك الله سبحانه وتعالى ، فيصير كالميراث . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : يقال ورث فلان علم فلان إذا انفرد به بعد أن كان مشاركا فيه ، وقال تعالى : (
وورث سليمان داود ) [ النمل : 16 ] وكان المعنى انفراده بذلك الأمر بعد أن كان
داود مشاركا له فيه وغالبا عليه .
ثم قال تعالى : (
والله بما تعملون خبير ) قرأ
ابن كثير وأبو عمرو " بما يعملون " بالياء على المغايبة كناية عن الذين يبخلون ، والمعنى والله بما يعملون خبير من منعهم الحقوق فيجازيهم عليه ، والباقون قرءوا بالتاء على الخطاب ، وذلك لأن ما قبل هذه الآية خطاب وهو قوله : (
وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ) والله بما تعملون خبير فيجازيكم عليه ، والغيبة أقرب إليه من الخطاب ، قال صاحب الكشاف : الياء على طريقة الالتفات وهي أبلغ في الوعيد .