المسألة التاسعة :
أطلق أكثر الكرامية لفظ " الجسم " على الله تعالى فقالوا : لا نريد به كونه مركبا مؤلفا من الأعضاء ، وإنما نريد به كونه موجودا قائما بالنفس غنيا عن المحل وأما سائر الفرق فقد أطبقوا على إنكار هذا الاسم .
ولنا مع
الكرامية مقامان : المقام الأول : أنا لا نسلم أنهم أرادوا بكونه جسما معنى غير الطول والعرض والعمق ، وكيف لا نقول ذلك ؟ وأنهم يقولون : إنه تعالى فوق العرش ولا يقولون : إنه في الصغر مثل الجوهر الفرد والجزء الذي لا يتجزأ ، بل يقولون : إنه أعظم من العرش ، وكل ما كان كذلك كانت ذاته ممتدة من أحد جانبي العرش إلى الجانب الآخر فكان طويلا عريضا عميقا ، فكان جسما بمعنى كونه طويلا عريضا عميقا ، فثبت أن قولهم إنا أردنا بكونه جسما معنى غير هذا المعنى كذب محض وتزوير صرف . المقام الثاني : أن نقول : لفظ الجسم لفظ يوهم معنى باطلا ، وليس في القرآن والأحاديث ما يدل على وروده فوجب الامتناع منه ، لا سيما والمتكلمون قالوا : لفظ الجسم يفيد كثرة الأجزاء بحسب الطول والعرض والعمق فوجب أن يكون لفظ الجسم يفيد أصل هذا المعنى .