ثم قال بعده : (
فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا ) أشعر ذلك بأن الغرض منه رعاية جانب الصبي ؛ لأنه إذا كان لا يتمكن من ادعاء دفع المال إليه إلا عند حضور الشاهد ، صار ذلك مانعا له من الظلم والبخس والنقصان ، وإذا كان الأمر كذلك علمنا أن قوله : ( فأشهدوا ) كما أنه يجب لظاهر الإيجاب ، فكذلك يجب أن القرائن والمصالح تقتضي الإيجاب ، ثم قال هذا
الرازي ، ويدل على أنه مصدق فيه بغير إشهاد ، اتفاق الجميع على أنه مأمور بحفظه وإمساكه على وجه الأمانة حتى يوصله إلى اليتيم في وقت استحقاقه ، فهو بمنزلة الودائع والمضاربات ، فوجب أن يكون مصدقا على الرد كما يصدق على رد الوديعة ، فيقال له : أما الفرق بين هذه الصورة وصورة الوديعة فقد ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله تعالى عنه ، واعتراضك على ذلك الفرق قد سبق إبطاله ، وأيضا فعادتك ترك الالتفات إلى كتاب الله لقياس ركيك تتخيله ، ومثل هذا الفقه مسلم لك ، ولا يجب المشاركة فيه معك . وبالله التوفيق .
ثم قال تعالى : (
وكفى بالله حسيبا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري والأزهري : يحتمل أن يكون الحسيب بمعنى المحاسب ، وأن يكون بمعنى الكافي ، فمن الأول قولهم للرجل للتهديد : حسبه الله ، ومعناه يحاسبه الله على ما يفعل من الظلم ، ونظير قولنا الحسيب بمعنى المحاسب ، قولنا : الشريب بمعنى المشارب ، ومن الثاني قولهم : حسيبك الله أي كافيك الله .
واعلم أن هذا وعيد لولي اليتيم وإعلام له أنه تعالى يعلم باطنه كما يعلم ظاهره لئلا ينوي أو يعمل في ماله ما لا يحل ، ويقوم بالأمانة التامة في ذلك إلى أن يصل إليه ماله ، وهذا المقصود حاصل سواء فسرنا الحسيب بالمحاسب أو بالكافي .
واعلم أن الباء في قوله : (
وكفى بالله ) (
وكفى بربك ) [ الإسراء : 65 ] في جميع القرآن زائدة ، هكذا نقله
الواحدي عن
الزجاج و ( حسيبا ) نصب على الحال أي كفى الله حال كونه محاسبا ، وحال كونه كافيا .