1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة النساء
  4. قوله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا
صفحة جزء
ثم قال تعالى : ( وسيصلون سعيرا ) وفيه مسائل :

المسألة الأولى : قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ( وسيصلون ) بضم الياء ، أي يدخلون النار على ما لم يسم فاعله ، والباقون بفتح الياء قال أبو زيد يقال : صلي الرجل النار يصلاها صلى وصلاء ، وهو صالي النار ، وقوم صالون وصلاء قال تعالى : ( إلا من هو صالي الجحيم ) [ الصافات : 163 ] وقال : ( أولى بها صليا ) ( مريم : 70 ] وقال : ( جهنم يصلونها ) ( إبراهيم : 29 ] قال الفراء : الصلى : اسم الوقود وهو الصلاء إذا كسرت مدت ، وإذا فتحت قصرت ، ومن ضم الياء فهو من قولهم : أصلاه الله حر النار إصلاء . قال : ( فسوف نصليه نارا ) [ النساء : 30 ] وقال تعالى : ( سأصليه سقر ) [ المدثر : 26 ] قال صاحب " الكشاف " : قرئ ( سيصلون ) بضم الياء وتخفيف اللام وتشديدها .

المسألة الثانية : السعير : هو النار المستعرة يقال : سعرت النار أسعرها سعرا فهي مسعورة وسعير ، والسعير معدول عن مسعورة كما عدل كف خضيب عن مخضوبة ، وإنما قال : ( سعيرا ) ؛ لأن المراد نار من النيران مبهمة لا يعرف غاية شدتها إلا الله تعالى .

المسألة الثالثة : روي أنه لما نزلت هذه الآية ثقل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية ، فصعب الأمر على اليتامى فنزل قوله تعالى : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] ومن الجهال من قال : صارت هذه الآية منسوخة بتلك ، وهو بعيد ؛ لأن هذه الآية في المنع من الظلم وهذا لا يصير منسوخا ، بل المقصود أن مخالطة أموال اليتامى إن كان على سبيل الظلم فهو من أعظم أبواب الإثم كما في هذه الآية ، وإن كان على سبيل التربية والإحسان فهو من أعظم أبواب البر ، كما في قوله : ( وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة : 220 ] . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية