(
ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ) .
قوله تعالى : (
ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ) .
اعلم أنه تعالى لما ذكر كيفية ميراث الأولاد ذكر بعده
ميراث الأبوين ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
الحسن ونعيم بن أبي ميسرة ( السدس ) بالتخفيف وكذلك ( الربع ) و ( الثمن ) .
المسألة الثانية : اعلم أن للأبوين ثلاثة أحوال .
الحالة الأولى : أن يحصل معهما ولد وهو المراد من هذه الآية ، واعلم أنه لا نزاع أن اسم الولد يقع على الذكر والأنثى ، فهذه الحالة يمكن وقوعها على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يحصل مع الأبوين ولد ذكر واحد ، أو أكثر من واحد ، فههنا الأبوان لكل واحد منهما السدس .
وثانيها : أن يحصل مع الأبوين بنتان أو أكثر ، وههنا الحكم ما ذكرناه أيضا .
وثالثها : أن يحصل مع الأبوين بنت واحدة فههنا للبنت النصف ، وللأم السدس وللأب السدس بحكم هذه الآية . والسدس الباقي أيضا للأب بحكم التعصيب ، وههنا سؤالات .
السؤال الأول : لا شك أن حق الوالدين على الإنسان أعظم من حق ولده عليه ، وقد بلغ حق الوالدين إلى أن قرن الله طاعته بطاعتهما فقال : (
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) وإذا كان كذلك فما السبب في
أنه تعالى جعل نصيب الأولاد أكثر ونصيب الوالدين أقل ؟
والجواب عن هذا في نهاية الحسن والحكمة : وذلك لأن الوالدين ما بقي من عمرهما إلا القليل فكان احتياجهما إلى المال قليلا ، أما الأولاد فهم في زمن الصبا فكان احتياجهم إلى المال كثيرا فظهر الفرق .
السؤال الثاني : الضمير في قوله : ( ولأبويه ) إلى ماذا يعود ؟
الجواب : أنه ضمير عن غير مذكور ، والمراد : ولأبوي الميت .
السؤال الثالث : ما المراد بالأبوين ؟
والجواب : هما الأب والأم ، والأصل في الأم أن يقال لها أبة ، فأبوان تثنية أب وأبة .
السؤال الرابع : كيف تركيب هذه الآية .
الجواب : قوله : (
لكل واحد منهما ) بدل من قوله : ( لأبويه ) بتكرير العامل ، وفائدة هذا البدل أنه لو قيل : ولأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه .
فإن قيل : فهلا قيل : لكل واحد من أبويه السدس .
[ ص: 173 ] قلنا : لأن في الإبدال والتفصيل بعد الإجمال تأكيدا وتشديدا ، والسدس مبتدأ وخبره : لأبويه ، والبدل متوسط بينهما للبيان .