1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة النساء
  4. قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما
صفحة جزء
المسألة الثانية : قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : إلحاق الزيادة في الصداق جائز ، وهي ثابتة إن دخل بها أو مات عنها ، أما إذا طلقها قبل الدخول بطلت الزيادة ، وكان لها نصف المسمى في العقد ، وقال الشافعي - رحمة الله عليه - : الزيادة بمنزلة الهبة ، فإن أقبضها ملكته بالقبض ، وإن لم يقبضها بطلت . احتج أبو بكر الرازي لأبي حنيفة بهذه الآية فقوله : ( ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ) يتناول ما وقع التراضي به في طرفي الزيادة والنقصان ، فكان هذا بعمومه يدل على جواز إلحاق الزيادة بالصداق ، قال : بل هذه الآية بالزيادة أخص منها بالنقصان ؛ لأنه تعالى علقه بتراضيهما ، والبراءة والحط لا يحتاج إلى رضا الزوج ، والزيادة لا تصح إلا بقبوله ، فإذا علق ذلك بتراضيهما جميعا دل على أن المراد هو الزيادة .

والجواب : لم لا يجوز أن تكون الزيادة عبارة عما ذكره الزجاج ؟ وهو أنه إذا طلقها قبل الدخول ، فإن شاءت المرأة أبرأته عن النصف ، وإن شاء الزوج سلم إليها كل المهر ، وبهذا التقدير يكون قد زادها عما وجب عليه تسليمه إليها ، وأيضا عندنا أنه لا جناح في تلك الزيادة إلا أنها تكون هبة ، والدليل القاطع على بطلان هذه الزيادة أن هذه الزيادة لو التحقت بالأصل لكان إما مع بقاء العقد الأول ، أو بعد زوال العقد ، والأول باطل ؛ لأن العقد لما انعقد على القدر الأول ، فلو انعقد مرة أخرى على القدر الثاني ، لكان ذلك تكوينا لذلك العقد بعد ثبوته ، وذلك يقتضي تحصيل الحاصل وهو محال . والثاني باطل لانعقاد الإجماع على أن عند إلحاق الزيادة لا يرتفع العقد الأول ، فثبت فساد ما قالوه ، والله أعلم .

ثم إنه تعالى لما ذكر في هذه الآية أنواعا كثيرة من التكاليف والتحريم والإحلال ، بين أنه عليم بجميع المعلومات لا يخفى عليه منها خافية أصلا ، وحكيم لا يشرع الأحكام إلا على وفق الحكمة ، وذلك يوجب التسليم لأوامره والانقياد لأحكامه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية