المسألة التاسعة : اعلم أن ظاهر
الأمر وإن كان في أصل الوضع لا يفيد التكرار ولا الفور إلا أنه في عرف الشرع يدل عليه ، ويدل عليه وجوه :
الأول : أن قوله : (
أطيعوا الله ) يصح منه استثناء أي وقت كان ، وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ، فوجب أن يكون قوله : (
أطيعوا الله ) متناولا لكل الأوقات ، وذلك يقتضي التكرار ، والتكرار يقتضي الفور .
الثاني : أنه لو لم يفد ذلك لصارت الآية مجملة ، لأن الوقت المخصوص والكيفية المخصوصة غير مذكورة ، أما لو حملناه على العموم كانت الآية مبينة ، وحمل كلام الله على الوجه الذي يكون مبينا أولى من حمله على الوجه الذي به يصير مجملا مجهولا ، أقصى ما في الباب أنه يدخله التخصيص ، والتخصيص خير من الإجمال .
الثالث : أن قوله : (
أطيعوا الله ) أضاف لفظ الطاعة إلى لفظ الله ، فهذا يقتضي أن
وجوب الطاعة علينا له إنما كان لكوننا عبيدا له ولكونه إلها ، فثبت من هذا الوجه أن المنشأ لوجوب الطاعة هو العبودية والربوبية ، وذلك يقتضي دوام وجوب الطاعة على جميع المكلفين إلى قيام القيامة وهذا أصل معتبر في الشرع .