المسألة الحادية عشرة : قد دللنا على أن قوله : (
وأولي الأمر منكم ) يدل على أن
الإجماع حجة فنقول : كما أنه دل على هذا الأصل فكذلك دل على مسائل كثيرة من فروع القول بالإجماع ، ونحن نذكر بعضها :
الفرع الأول : مذهبنا أن
الإجماع لا ينعقد إلا بقول العلماء الذين يمكنهم استنباط أحكام الله من نصوص الكتاب والسنة ، وهؤلاء هم المسمون بأهل الحل والعقد في كتب أصول الفقه نقول : الآية دالة عليه لأنه تعالى أوجب طاعة أولي الأمر ، والذين لهم الأمر والنهي في الشرع ليس إلا هذا الصنف من العلماء ،
[ ص: 121 ] لأن المتكلم الذي لا معرفة له بكيفية استنباط الأحكام من النصوص لا اعتبار بأمره ونهيه ، وكذلك المفسر والمحدث الذي لا قدرة له على استنباط الأحكام من القرآن والحديث ، فدل على ما ذكرناه ، فلما دلت الآية على أن إجماع أولي الأمر حجة علمنا دلالة الآية على أن ينعقد الإجماع بمجرد قول هذه الطائفة من العلماء . وأما دلالة الآية على أن العامي غير داخل فيه فظاهر ؛ لأنه من الظاهر أنهم ليسوا من أولي الأمر .
الفرع الثاني : اختلفوا في أن
الإجماع الحاصل عقيب الخلاف هل هو حجة ؟ والأصح أنه حجة ، والدليل عليه هذه الآية ، وذلك لأنا بينا أن قوله : (
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) يقتضي وجوب طاعة جملة أهل الحل والعقد من الأمة ، وهذا يدخل فيه ما حصل بعد الخلاف وما لم يكن كذلك ، فوجب أن يكون الكل حجة .
الفرع الثالث : اختلفوا في أن انقراض أهل العصر هل هو شرط ؟ والأصح أنه ليس بشرط ، والدليل عليه هذه الآية ، وذلك لأنها تدل على وجوب طاعة المجمعين ، وذلك يدخل فيه ما إذا انقرض العصر وما إذا لم ينقرض .
الفرع الرابع : دلت الآية على أن العبرة بإجماع المؤمنين لأنه تعالى قال في أول الآية : (
ياأيها الذين آمنوا ) ثم قال : (
وأولي الأمر منكم ) فدل هذا على أن العبرة بإجماع المؤمنين ، فأما سائر الفرق الذين يشك في إيمانهم فلا عبرة بهم .