المسألة الثانية : ذكروا في تفسير قوله : (
أصابتهم مصيبة ) وجوها :
الأول : أن المراد منه قتل
عمر صاحبهم الذي أقر أنه لا يرضى بحكم الرسول عليه السلام ، فهم جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فطالبوا
عمر بدمه وحلفوا أنهم ما أرادوا بالذهاب إلى غير الرسول إلا المصلحة ، وهذا اختيار
الزجاج .
الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبو علي الجبائي : المراد من هذه المصيبة ما أمر الله تعالى الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه لا يستصحبهم في الغزوات ، وأنه يخصهم بمزيد الإذلال والطرد عن حضرته وهو قوله تعالى : (
لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا ) [ الأحزاب : 60 - 61 ] وقوله : (
فقل لن تخرجوا معي أبدا ) [ التوبة : 83 ] وبالجملة فأمثال هذه الآيات توجب لهم الذل العظيم ، فكانت معدودة في مصائبهم ، وإنما يصيبهم ذلك لأجل نفاقهم ، وعنى بقوله : (
ثم جاءوك ) أي وقت المصيبة يحلفون ويعتذرون أنا ما أردنا بما كان منا من مداراة الكفار إلا الصلاح ، وكانوا في ذلك كاذبين لأنهم أضمروا خلاف ما أظهروه ، ولم يريدوا بذلك
[ ص: 127 ] الإحسان الذي هو الصلاح .
الثالث : قال
أبو مسلم الأصفهاني :
إنه تعالى لما أخبر عن المنافقين أنهم رغبوا في حكم الطاغوت وكرهوا حكم الرسول ، بشر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ستصيبهم مصائب تلجئهم إليه ، وإلى أن يظهروا له الإيمان به وإلى أن يحلفوا بأن مرادهم الإحسان والتوفيق . قال : ومن
عادة العرب عند التبشير والإنذار أن يقولوا : كيف أنت إذا كان كذا وكذا ، ومثاله قوله تعالى : (
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ) [ النساء : 41 ] وقوله : (
فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ) [ آل عمران : 25 ] ثم أمره تعالى إذا كان منهم ذلك أن يعرض عنهم ويعظهم .