المسألة الثالثة : قال أصحابنا : الآية دالة على أنه
لا يوجد شيء من الخير والشر والكفر والإيمان والطاعة والعصيان إلا بإرادة الله تعالى ، والدليل عليه قوله تعالى : (
إلا ليطاع بإذن الله ) ولا يمكن أن يكون المراد من هذا الإذن الأمر والتكليف ، لأنه لا معنى لكونه رسولا إلا أن الله أمر بطاعته ، فلو كان المراد من الإذن هو هذا لصار تقدير الآية : وما أذنا في طاعة من أرسلناه إلا بإذننا وهو تكرار قبيح ، فوجب حمل الإذن على التوفيق والإعانة . وعلى هذا الوجه فيصير تقدير الآية : وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بتوفيقنا وإعانتنا ، وهذا تصريح بأنه سبحانه ما أراد من الكل طاعة الرسول ، بل لا يريد ذلك إلا من الذي وفقه الله لذلك وأعانه عليه وهم المؤمنون . وأما المحرومون من التوفيق والإعانة فالله تعالى ما أراد ذلك منهم ، فثبت أن هذه الآية من أقوى الدلائل على مذهبنا .