ثم قال تعالى : (
وحسن أولئك رفيقا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال صاحب " الكشاف " : فيه معنى التعجيب . كأنه قيل : ما أحسن أولئك رفيقا .
المسألة الثانية :
الرفق في اللغة : لين الجانب ولطافة الفعل ، وصاحبه رفيق . هذا معناه في اللغة ثم الصاحب يسمى رفيقا لارتفاق بعضهم ببعض .
المسألة الثالثة : قال
الواحدي : إنما وحد الرفيق وهو صفة لجمع ، لأن الرفيق والرسول والبريد تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع قال تعالى : (
فقولا إنا رسول رب العالمين ) [ الشعراء : 16 ] ولا يجوز أن يقال : حسن أولئك رجلا ، وبالجملة فهذا إنما يجوز في الاسم الذي يكون صفة ، أما إذا كان اسما مصرحا مثل رجل وامرأة لم يجز ، وجوز
الزجاج ذلك في الاسم أيضا وزعم أنه مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وقيل : معنى قوله : (
وحسن أولئك رفيقا ) أي حسن كل واحد منهم رفيقا ، كما قال : (
ثم يخرجكم طفلا ) [ غافر : 67 ] .
المسألة الرابعة : ( رفيقا ) نصب على التمييز ، وقيل على الحال : أي حسن واحد منهم رفيقا .
المسألة الخامسة : اعلم أنه تعالى بين
فيمن أطاع الله ورسوله أنه يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ثم لم يكترث بذلك ، بل ذكر أنه يكون رفيقا له ، وقد ذكرنا أن الرفيق هو الذي يرتفق به في الحضر والسفر ، فبين أن هؤلاء المطيعين يرتفقون بهم ، وإنما يرتفقون بهم إذا نالوا منهم رفقا وخيرا ، ولقد ذكرنا مرارا كيفية هذا الارتفاق ، وأما على حسب الظاهر فلأن الإنسان قد يكون مع غيره ولا يكون رفيقا له ، فأما إذا كان عظيم الشفقة عظيم الاعتناء بشأنه كان رفيقا له ، فبين تعالى أن الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين يكونون له كالرفقاء من شدة محبتهم له وسرورهم برؤيته .