المسألة الخامسة :
المبتدئ يقول : السلام عليك والمجيب ، يقول : وعليكم السلام ، هذا هو الترتيب الحسن ، والذي خطر ببالي فيه أنه إذا قال : السلام عليكم كان الابتداء واقعا بذكر الله ، فإذا قال المجيب : وعليكم السلام كان الاختتام واقعا بذكر الله ، وهذا يطابق قوله : (
هو الأول والآخر ) [ الحديد : 3 ] وأيضا لما وقع الابتداء والاختتام بذكر الله فإنه يرجى أن يكون ما وقع بينهما يصير مقبولا ببركته كما في قوله : (
وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) [ هود : 114 ] فلو خالف المبتدئ فقال : وعليكم السلام فقد خالف السنة ، فالأولى للمجيب أن يقول : وعليكم السلام ، لأن الأول لما ترك الافتتاح بذكر الله ، فهذا لا ينبغي أن يترك الاختتام بذكر الله .
المسألة السادسة :
إن شاء قال : سلام عليكم ، وإن شاء قال : السلام عليكم ، قال تعالى في حق
نوح : (
قيل يانوح اهبط بسلام منا ) [ هود : 48 ] وقال عن
الخليل : (
قال سلام عليك سأستغفر لك ربي ) [ مريم : 47 ] وقال في قصة
لوط : (
فقالوا سلاما قال سلام ) [ الذاريات : 25 ] وقال عن
يحيى : (
وسلام عليه ) [مريم : 15 ] وقال عن
محمد صلى الله عليه وسلم : (
قل الحمد لله وسلام على عباده ) [ النمل : 59 ] وقال عن الملائكة : (
والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ) [ الرعد : 23 ] وقال عن رب العزة : (
سلام قولا من رب رحيم ) [ يس : 58 ] وقال : (
فقل سلام عليكم ) [ الأنعام : 54 ] وأما بالألف واللام فقوله عن
موسى عليه السلام : (
فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى ) [ طه : 47 ] وقال عن
عيسى عليه السلام : (
والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ) [ مريم : 33 ] فثبت أن الكل جائز ، وأما في
التحليل من الصلاة فلا بد من الألف واللام بالاتفاق ، واختلفوا في سائر المواضع أن التنكير أفضل أم التعريف ؟ فقيل التنكير أفضل ، ويدل عليه وجوه :
الأول : أن لفظ السلام على سبيل التنكير كثير في القرآن فكان أفضل .
الثاني : أن كل ما ورد من الله والملائكة والمؤمنين فقد ورد بلفظ التنكير على ما عددناه في الآيات ، وأما بالألف واللام فإنما ورد في تسليم الإنسان على نفسه قال
موسى صلى الله عليه وسلم : (
والسلام على من اتبع الهدى ) [ طه : 47 ] وقال
عيسى عليه
[ ص: 170 ] الصلاة والسلام : (
والسلام علي ) .
والثالث : وهو المعنى المعقول أن لفظ السلام بالألف واللام يدل على أصل الماهية ، والتنكير يدل على أصل الماهية مع وصف الكمال ، فكان هذا أولى .