(
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون )
قوله تعالى : (
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) والمراد أن
سبيل النصارى مثل سبيل اليهود في نقض المواثيق من عند الله ، وإنما قال : (
ومن الذين قالوا إنا نصارى ) ولم يقل : ومن
النصارى ؛ وذلك لأنهم إنما سموا أنفسهم بهذا الاسم ادعاء لنصرة الله تعالى ، وهم الذين قالوا
لعيسى : (
نحن أنصار الله ) ( آل عمران : 52 ) فكان هذا الاسم في الحقيقة اسم مدح ، فبين الله تعالى أنهم يدعون هذه الصفة ، ولكنهم ليسوا موصوفين بها عند الله تعالى ، وقوله : (
أخذنا ميثاقهم ) أي مكتوب في الإنجيل أن يؤمنوا
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وتنكير "الحظ" في الآية يدل على أن المراد به حظ واحد ، وهو الذي ذكرناه من الإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وإنما خص هذا الواحد بالذكر مع أنهم تركوا الكثير مما أمرهم الله تعالى به ؛ لأن هذا هو المعظم والمهم ، وقوله (
فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء ) أي ألصقنا العداوة والبغضاء بهم ، يقال : أغري فلان بفلان إذا ولع به كأنه ألصق به ، ويقال لما التصق به الشيء : الغراء ، وفي قوله ( بينهم ) وجهان :
أحدهما : بين
اليهود والنصارى .
والثاني : بين فرق
النصارى ، فإن بعضهم يكفر بعضا إلى يوم القيامة ، ونظيره قوله : (
أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض ) ( الأنعام : 65 ) وقوله : (
وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) وعيد لهم .