[ ص: 8 ] (
فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ثم قال تعالى :
( فمن تصدق به فهو كفارة له ) الضمير في قوله : ( له ) يحتمل أن يكون عائدا إلى العافي أو إلى المعفو عنه ، أما الأول فالتقدير أن المجروح أو ولي المقتول إذا عفا كان ذلك كفارة له ، أي للعافي ويتأكد هذا بقوله تعالى في آية القصاص 3 في سورة البقرة (
وأن تعفوا أقرب للتقوى ) ويقرب منه قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012555أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم ؟ كان إذا خرج من بيته تصدق بعرضه على الناس ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012556من تصدق من جسده بشيء كفر الله تعالى عنه بقدره من ذنوبه وهذا قول أكثر المفسرين .
والقول الثاني : أن الضمير في قوله (
فهو كفارة له ) عائد إلى القاتل والجارح ، يعني أن المجني عليه إذا عفا عن الجاني صار ذلك العفو كفارة للجاني ، يعني لا يؤاخذه الله تعالى بعد ذلك العفو ، وأما المجني عليه الذي عفا فأجره على الله تعالى .
ثم قال تعالى : (
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وفيه سؤال ، وهو أنه تعالى قال أولا : (
فأولئك هم الكافرون ) ، وثانيا : (
هم الظالمون ) والكفر أعظم من الظلم ، فلما ذكر أعظم التهديدات أولا ، فأي فائدة في ذكر الأخف بعده ؟
وجوابه : أن الكفر من حيث إنه إنكار لنعمة المولى وجحود لها فهو كفر ، ومن حيث إنه يقتضي إبقاء النفس في العقاب الدائم الشديد فهو ظلم على النفس ، ففي الآية الأولى ذكر الله ما يتعلق بتقصيره في حق الخالق سبحانه ، وفي هذه الآية ذكر ما يتعلق بالتقصير في حق نفسه .