(
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه )
ثم قال تعالى : (
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ) وهذا خطاب مع
محمد صلى الله عليه وسلم ، فقوله : (
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق ) أي كل كتاب نزل من السماء سوى القرآن .
وقوله : (
ومهيمنا عليه ) فيه مسائل :
[ ص: 11 ] المسألة الأولى : في المهيمن قولان :
الأول : قال
الخليل ،
وأبو عبيدة : يقال قد هيمن الرجل يهيمن إذا كان رقيبا على الشيء وشاهدا عليه حافظا ، قال
حسان :
إن الكتاب مهيمن لنبينا والحق يعرفه ذوو الألباب
والثاني : قالوا : الأصل في قولنا : آمن يؤمن فهو مؤمن ، أأمن يؤأمن فهو مؤأمن بهمزتين ، ثم قلبت الأولى هاء كما في : هرقت وأرقت ، وهياك وإياك ، وقلبت الثانية ياء فصار مهيمنا فلهذا قال المفسرون (
ومهيمنا عليه ) أي أمينا على الكتب التي قبله .
المسألة الثانية : إنما كان
القرآن مهيمنا على الكتب ; لأنه الكتاب الذي لا يصير منسوخا ألبتة ، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف على ما قال تعالى : (
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [الحجر : 9] وإذا كان كذلك كانت شهادة القرآن على أن التوراة والإنجيل والزبور حق وصدق باقية أبدا ، فكانت حقيقة هذه الكتب معلومة أبدا .
المسألة الثالثة : قال صاحب الكشاف : قرئ ( ومهيمنا عليه ) بفتح الميم لأنه مشهود عليه من عند الله تعالى بأن يصونه عن التحريف والتبديل لما قررنا من الآيات ، ولقوله (
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) [فصلت : 42] والمهيمن عليه هو الله تعالى .