وسابعها : أنه تعالى قال بعد ذلك :
[ ص: 69 ] (
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ) .
(
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ) فظاهره أن المراد وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فيما تقدم ذكره من أمرهما
بالاجتناب عن الخمر والميسر ، وقوله : ( واحذروا ) أي احذروا عن مخالفتهما في هذه التكاليف . وثامنها : قوله :
(
فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ) وهذا تهديد عظيم ووعيد شديد في حق من خالف في هذا التكليف وأعرض فيه عن حكم الله وبيانه ، يعني أنكم إن توليتم فالحجة قد قامت عليكم ، والرسول قد خرج عن عهدة التبليغ والإعذار والإنذار ، فأما ما وراء ذلك من عقاب من خالف هذا التكليف وأعرض عنه فذاك إلى الله تعالى ، ولا شك أنه تهديد شديد ، فصار كل واحد من هذه الوجوه الثمانية دليلا قاهرا وبرهانا باهرا في تحريم الخمر .
واعلم أن من أنصف وترك الاعتساف علم أن هذه الآية نص صريح في أن كل مسكر حرام ، وذلك لأنه تعالى لما ذكر قوله : (
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ) قال بعده : (
فهل أنتم منتهون ) فرتب النهي عن شرب الخمر على كون الخمر مشتملة على تلك المفاسد ، ومن المعلوم في بدائه العقول أن تلك المفاسد إنما تولدت من كونها مؤثرة في السكر وهذا يفيد القطع بأن علة قوله : (
فهل أنتم منتهون ) هي كون الخمر مؤثرا في الإسكار ، وإذا ثبت هذا وجب القطع بأن كل مسكر حرام ، ومن أحاط عقله بهذا التقدير وبقي مصرا على قوله فليس لعناده علاج ، والله أعلم .