ثم قال تعالى : (
ليعلم الله من يخافه بالغيب ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : أن هذا مجاز لأنه تعالى عالم لم يزل ولا يزال واختلفوا في معناه ، فقيل : نعاملكم معاملة من يطلب أن يعلم ، وقيل : ليظهر المعلوم وهو خوف الخائف ، وقيل : هذا على حذف المضاف ، والتقدير : ليعلم أولياء الله من يخافه بالغيب .
المسألة الثانية : قوله : ( بالغيب ) فيه وجهان :
الأول :
من يخافه حال إيمانه بالغيب كما ذكر ذلك في أول كتابه وهو قوله : (
يؤمنون بالغيب ) .
الثاني : من يخاف بالغيب ؛ أي يخافه بإخلاص وتحقيق ولا يختلف الحال بسبب حضور أحد أو غيبته ، كما في حق المنافقين الذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم .
المسألة الثالثة : الباء في قوله : ( بالغيب ) في محل النصب بالحال والمعنى من يخافه حال كونه غائبا عن رؤيته ، ومثل هذا قوله : (
من خشي الرحمن بالغيب ) [ق : 33] ، (
يخشون ربهم بالغيب ) [فاطر : 18] وأما معنى الغيب فقد ذكرناه في قوله : (
الذين يؤمنون بالغيب ) .
ثم قال تعالى : (
فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) والمراد عذاب الآخرة والتعزير في الدنيا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هذا العذاب هو أن يضرب بطنه وظهره ضربا وجيعا وينزع ثيابه . قال
القفال : وهذا جائز لأن اسم العذاب قد يقع على الضرب كما سمى جلد الزانيين عذابا فقال : (
وليشهد عذابهما طائفة ) [النور : 2] وقال : (
فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) [النساء : 25] وقال حاكيا عن
سليمان في الهدهد : (
لأعذبنه عذابا شديدا ) .