[ ص: 105 ] (
وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني ) .
ورابعها : قوله تعالى : (
وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
نافع ( فتكون طائرا ) والباقون ( طيرا ) بغير ألف ، وطير جمع طائر كضأن وضائن وركب وراكب .
المسألة الثانية : أنه تعالى ذكر هاهنا (
فتنفخ فيها ) وذكر في آل عمران (
فأنفخ فيه ) .
والجواب : أن قوله : (
كهيئة الطير ) أي هيئة مثل هيئة الطير فقوله : (
فتنفخ فيها ) الضمير للكاف ؛ لأنها
صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها ؛ لأنها ليست من خلقه ولا نفخه في شيء .
إذا عرفت هذا فنقول : الكاف تؤنث بحسب المعنى لدلالتها على الهيئة التي هي مثل هيئة الطير ، وتذكر بحسب الظاهر ، وإذا كان كذلك جاز أن يقع الضمير عنها تارة على وجه التذكير وأخرى على وجه التأنيث .
المسألة الثالثة : أنه تعالى اعتبر الإذن في خلق الطين كهيئة الطير ، وفي صيرورته ذلك الشيء طيرا . وإنما أعاد قوله : (
بإذني ) تأكيدا لكون ذلك واقعا بقدرة الله تعالى وتخليقه لا بقدرة
عيسى وإيجاده .
وخامسها : قوله تعالى : (
وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني )
وإبراء الأكمه والأبرص معروف ، وقال
الخليلي : الأكمه من ولد أعمى ، والأعمى من ولد بصيرا ثم عمي .
وسادسها : قوله تعالى : (
وإذ تخرج الموتى بإذني ) أي وإذ تخرج الموتى من قبورهم أحياء بإذني ؛ أي بفعلي ذلك عند دعائك ، وعند قولك للميت : اخرج بإذن الله من قبرك ، وذكر الإذن في هذه الأفاعيل إنما هو على معنى إضافة حقيقة الفعل إلى الله تعالى كقوله : (
وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله ) [آل عمران : 145] أي إلا بخلق الله الموت فيها .