(
قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ) .
ثم قال تعالى : (
قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ) .
والمعنى : كأنهم لما طلبوا ذلك قال
عيسى لهم : إنه قد تقدمت المعجزات الكثيرة فاتقوا الله في طلب
[ ص: 109 ] هذه المعجزة بعد تقدم تلك المعجزات القاهرة ، فأجابوا وقالوا : إنا
لا نطلب هذه المائدة لمجرد أن تكون معجزة بل لمجموع أمور كثيرة :
أحدها : أنا نريد أن نأكل منها فإن الجوع قد غلبنا ولا نجد طعاما آخر .
وثانيها : أنا وإن علمنا قدرة الله تعالى بالدليل ، ولكنا إذا شاهدنا نزول هذه المائدة ازداد اليقين وقويت الطمأنينة .
وثالثها : أنا وإن علمنا بسائر المعجزات صدقك ، ولكنا إذا شاهدنا هذه المعجزة ازداد اليقين والعرفان وتأكدت الطمأنينة .
ورابعها : أن جميع تلك المعجزات التي أوردتها كانت معجزات أرضية ، وهذه معجزة سماوية وهي أعجب وأعظم ، فإذا شاهدناها كنا عليها من الشاهدين ، نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من
بني إسرائيل ، ونكون عليها من الشاهدين لله بكمال القدرة ، ولك بالنبوة .